مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣١٥
ويقضى على كذبه من حيث ادعى فيه ان النبي صلى الله عليه وآله ذم هذا الفعل، وخطب بانكاره على المنابر، ومعلوم ان أمير المؤمنين عليه السلام لو كان فعل ذلك على ما حكى، لما كان فاعلا لمحظور في الشريعة، لان نكاح الأربع حلال على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وآله، والمباح لا ينكره الرسول صلى الله عليه وآله، ولا يصرح بذمه، وبأنه متأذيه، وقد رفعه الله عن هذه المنزلة، وأعلاه عن كل منقصة ومذمة. ولو كان عليه السلام نافرا من الجمع بين بنته وبين غيرها بالطباع التي تنفر من الحسن والقبيح، لما جاز ان ينكره بلسانه، ثم ما جاز ان يبالغ في الانكار، ويعلن به على المنابر، وفوق روس الاشهاد، ولو بلغ من ايلامه لقلبه كل مبلغ، فما هو اختص في الحلم والكظم، ووصفه الله به من جميل الأخلاق وكريم الآداب ينافي ذلك، ويحيله، ويمنع من اضافته إليه وتصديقه عليه، وأكثر ما يفعله مثله في هذا الامر إذا ثقل عليه، ان يعاقب عليه سرا، ويتكلم في العدول عنه خفيا على وجه جميل، وبقول لطيف.
وهذا المأمون الذي لا قياس بينه وبين الرسول صلى الله عليه وآله، وقد انكح أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بنته، ونقلها معه إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله، لما ورد كتابها عليه تذكر انه قد تزوج عليها أو تسرى، يقول مجيبا لها، ومنكرا عليها: انا ما أنكحناه لنحظر عليه ما اباحه الله تعالى، والمأمون أولى بالامتعاض من غيرة بنته، وحاله أجمل للمنع من هذا الباب، والانكار له.
فوالله ان الطعن على النبي صلى الله عليه وآله بما تضمنه هذا الخبر الخبيث، أعظم من الطعن على أمير المؤمنين عليه السلام. وما صنع هذا الخبر الا ملحد قاصد للطعن عليهما، أو ناصب معاند لا يبالي ان يشفى غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح والهدم.
على أنه لا خلاف بين أهل النقل ان الله هو الذي اختار أمير المؤمنين عليه السلام لنكاح سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليها، وان النبي صلى الله عليه وآله رد عنها جلة أصحابه، وقد خطبوها وقال صلى الله عليه وآله (انى لم أزوج فاطمة عليا حتى زوجها الله إياه في سمائه)، ونحن نعلم أن الله سبحانه لا يختار لها من يغيرها، ويؤذيها ويغمها، فان ذلك من أدل دليل على كذب الراوي لهذا الخبر.
وبعد فان الشئ انما يحمل على نظائره، ويلحق بأمثاله، وقد علم كل من سمع
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»