مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣١٤
شركه إلى عام الحديبية، واسر مع المشركين مرتين، وفرق الاسلام بينه وبين زوجته بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فهاجرت مسلمة، وتركته لشركه، ولا يذكر التاريخ بعد اسلامه موقفا له في الاسلام غير كونه مع علي عليه السلام، لما بويع أبو بكر بأخيه وابن عمه أمير المؤمنين، مع سوابقه المحمودة ومشاهده المشهورة في نصرة الاسلام، ونصرة الرسول صلى الله عليه وآله، وفضائله ومكارم أخلاقه، ومع ما قال في حقه (ان عليا منى، وانا من على، وهو ولى كل مؤمن بعدي، واما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبوة بعدي)، وقال له (ان الله عز وجل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها، الزهد في الدنيا، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئا، ولا تنال الدنيا منك شيئا، ووهب لك حب المساكين، ورضوا بك إماما، ورضيت بهم اتباعا. فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فاما الذين أحبوك، وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك، ورفقاءك في قصرك، واما الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق على الله ان يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة)، وقال (على خير البشر، من شك فيه كفر (ع)، وفى رواية: فمن أبى فقد كفر (حظ).
فحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله ان يثنى على أبى العاص رضي الله عنه بما فيه التعريض بذم علي عليه السلام وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله ان ينسى مواقف الامام في الحروب ونجدته وبسالته وايثاره نفس النبي على نفسه، فمن كان أوفى بعهد رسول الله من الامام؟ ومن كان ادفع عن الاسلام منه؟
وأضف إلى ما ذكر انك لا تجد في حياة النبي والامام والزهراء عليهم السلام مثيلا لهذه القصة، ولاما يدفع استبعاد وقوعها في حياتهم، بل كلما سبرنا تاريخ حياة الرسول، وصهره العزيز، وبنته العزيزة، وجدناه حافلة بالشواهد والحكايات التي تكذب هذه القصة جدا. فما أحسن من ترك اخراج هذه الزيادة كالبغوي في مصابيح السنة، واكتفى بتخريج قوله صلى الله عليه وآله (فاطمة بضعة منى، فمن أغضبها أغضبني، وفى رواية: يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها)، فكأنهم تركوا هذه الزيادة لبعض العلل التي أشرنا إليها.
هذا ولعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد كلام حول هذا الحديث وقد نقل عن شيخه أبى جعفر الإسكافي كون هذه الزيادة من الموضوعات.
وقال السيد المرتضى في (تنزيه الأنبياء) (هذا خبر باطل، موضوع، غير معروف، ولا ثابت عند أهل النقل إلى أن قال على أن هذا الخبر قد تضمن ما يشهد ببطلانه
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»