بنت أبي جهل على سيدة نسا العالمين فاطمة البتول عليها السلام، فزادوها على الحديث المتواتر بين الفريقين (فاطمة بضعة منى، يؤذيني ما آذاها)، وفى رواية أخرى (يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها)، كي تقبلها النفوس، وتقع مورد القبول، ولم يلتفتوا إلى ما يمس بهذه الزيادة كرامة مقام الرسالة، ومن لا ينطق عن الهوى.
ونحن مع الغض عما في هذه الزيادة من اضطراب المتن، وشده الاختلاف من حيث الألفاظ والمضامين، مثل ما في بعضها (ان بنى هشام بن المغيرة استأذنوني ان ينكحوا بنتهم علي بن أبي طالب)، وهذا لا يدل على أنه عليه السلام خطبها، أو أراد خطبتها، وفى بعضها:
ان فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وآله، وشكت من ذلك، وفى بعضها ليس ذكر عن أبي العاص، وغير ذلك مما يشهد بدس هذه الزيادة في الحديث، مع ما في بعض رواتها من الانحراف عن علي عليه السلام، وكونه من الخوارج، واتباع ابن الزبير والعثمانيين، نقول: تشهد بوضع هذه القصة واختلاقها أمور:
الأول: عدم وجود هذه الزيادة في بعض طرق الحديث، فأخرجه البخاري هكذا قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال (فاطمة بضعة منى، فمن أغضبها أغضبني). وأخرجه مسلم، قال: حدثني أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن محزمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (انما فاطمة بضعة منى، يؤذيني ما آذاها).
الثاني: الظاهر أنه لا خلاف بين المسلمين في اختصاص هذا الحكم بفاطمة عليها السلام دون غيرها من أخواتها وساير النساء، ولم يفت أحد من أهل العلم فيما اعلم بعدم جواز النكاح على ساير بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وليس هذا الا لما حازته عليها السلام من الفضيلة والكرامة والدرجة الرفيعة عند الله تعالى، واختصاصها بفضائلها المشهورة، دون غيرها من النساء. ولو كان علة حرمة نكاح امرأة أخرى عليها، اجتماع بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبنت عدو الله مكانا واحدا، لاشتركت معها في هذا الحكم أخواتها زينب ورقية وأم كلثوم، ولما يجوز نكاحهن من أبى العاص بن ربيع، وعتبة، وعتيبة ابني أبى لهب في حال كفرهم، بل لما يجوز نكاحهن بمن كان قبل الاسلام مشركا كافرا، فإنه إذا لم