مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
(23) الرسالة الثالثة وعشرون رد أكذوبة خطبة الامام على الزهرا عليهما السلام بسم الله الرحمن الرحيم وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين وبعد، فهذه رسالة وجيزة في تفنيد أكذوبة خطبة الامام على الزهرا عليهما السلام، كتبته ردا على بعض نواصب العصر، وتقربا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله، والله الموفق والهادي إلى الصواب.
ليس يخفى على من له المام بكتب الحديث ان أعداء أهل البيت عليهم السلام قد سعوا في اطفاء نورهم، وإبادة علومهم، وكتمان فضائلهم. وما بقى في جوامع الحديث من أحاديث فضائلهم، ليس الا القليل منها، فتركوا رواية مناقبهم لأسباب سياسية، وكان في عصر الأمويين والعباسيين رواية الحديث في فضل على وأهل بيته، من أكبر الجرائم، وكان من أهم الوسائل للتقرب إلى الحكام، وضع الأحاديث المشعرة بتنقيص أهل البيت ومدح آخرين، وفيما يكون مغزاه الاعتراف بشرعية الحكومات، وسيرة الخلفاء والامراء، وكانوا يعدون من أظهر العلائم لكون الرجل من أهل السنة، ميله عن أهل البيت، ومحبته للعثمانيين.
وكان أقل ما عملوا في ذلك، كتمانهم فضائل الإمام علي عليه السلام حتى أن أم المؤمنين عايشة تمتنع من التصريح باسم علي عليه السلام في مثل حديثها في تمريض النبي صلى الله عليه وآله، وتقول: فخرج ويد له على الفضل بن عباس، ويد له على رجل آخر، وفى حديثها الاخر تقول: فخرج بين رجلين، تخط رجلاه في الأرض بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر، فتريها تصرح باسم الفضل وعباس، وتترك التصريح باسم علي عليه السلام مع أن في هذا ليس كثير فضل لمن هو من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، وكان له مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاهده المعروفة، ونزل في فضله ما نزل من الكتاب المجيد، ولا يبغضه الا منافق، ولا يحبه الا مؤمن، وهذا يدل على شدة اهتمامهم لاخفاء مناقب أهل البيت، ومبالغتهم في ذلك. وازدادت شدتهم في عهد معاوية وملوك بنى أمية وبنى عباس، حتى ضربوا مثل عطية العوفي أربعمأة سوط وحلقوا لحيته، لأنه أبى ان يسب أمير المؤمنين عليا عليه السلام، واستلوا لسان امام العربية ابن السكيت لأنه لما خاطبه المتوكل وقال: من أحب إليك، هما يعنى ولديه أو الحسن والحسين؟ فقال: قنبر خير منهما. فامر المتوكل باستلال لسانه، فاستلوه حتى مات، وقيل امر الأتراك، فداسوا بطنه حتى مات.
ومن عجيب ما ادرج ودس في الأحاديث، أكذوبة خطبة أمير المؤمنين علي عليه السلام
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»