قلت فعلى من أخلفها؟ فقال: حرم القائم عليه السلام لا يدخله الا مؤمن ولا يخرجه منه الا مؤمن، فخليت من زمام راحلتي، وسار وسرت معه إلى أن دنا من باب الخبا فسبقني بالدخول، وأمرني ان اقف حتى يخرج إلى، ثم قال لي: ادخل هناك السلامة، فدخلت فإذا انا به جالس قد اتشح ببردة واتزر بأخرى وقد كسر بردته على عاتقه وهو كأقحوانة أرجو ان قد تكاثف عليها الندى، وأصابها ألم الهوى، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان، سمح سخي تقي نقي، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أقنى الانف، سهل الخدين، على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر، فلما ان رايته بدرته بالسلام، فرد على أحسن ما سلمت عليه، وشافهني وسألني عن أهل العراق، فقلت سيدي قد البسوا جلباب الذلة، وهم بين القوم أذلاء فقال لي: يا ابن المازيار لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلاء، فقلت: سيدي لقد بعد الوطن وطال المطلب، فقال: يا بن المازيار أبي أبو محمد عهد إلي أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب اليم، وأمرني ان لا أسكن من الجبال الا وعرها، ومن البلاد الا عفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي فانا في التقية إلى يوم يوذن لي فاخرج، فقلت يا سيدي متى يكون هذا الامر؟ فقال إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس والقمر واستدار بهما الكواكب والنجوم، فقلت متى يا بن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان، يسوق الناس إلى المحشر، قال: فأقمت عنده أياما واذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي وخرجت نحو منزلي، والله لقد سرت من مكة إلى الكوفة ومعي غلام يخدمني فلم أر الا خيرا وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.
وفى دلائل الإمامة (ص 269): وروى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي قال: