الحسن بن علي الأخير عليهما السلام فلم أقع على شئ منها فرحلت منها إلى مكة مستبحثا عن ذلك، فبينما انا في الطواف إذ تراءى لي فتى أسمر اللون، رائع الحسن، جميل المخيلة، يطيل التوسم في، فعدت إليه مؤملا منه عرفان ما قصدت له، فلما قربت منه سلمت، فأحسن الإجابة، ثم قال: من أي البلاد أنت؟ قلت: رجل من أهل العراق، قال: من أي العراق؟ قلت: من الأهواز، فقال: مرحبا بلقائك هل تعرف بها جعفر بن حمدان الحضيني، قلت: فأجاب، قال: رحمة الله عليه ما كان أطول ليله وأجزل نيله، فهل تعرف إبراهيم بن مهزيار قلت: انا إبراهيم بن مهزيار فعانقني مليا ثم قال: مرحبا بك يا أبا إسحاق ما فعلت بالعلامة التي وشجت بينك وبين أبى محمد عليه السلام؟ فقلت: لعلك تريد الخاتم الذي آثرني الله به من الطيب أبى محمد الحسن بن علي عليهما السلام؟ فقال: ما أردت سواه، فأخرجته إليه، فلما نظر إليه استعبر وقبله، ثم قرا كتابته فكانت (يا الله يا محمد يا علي) ثم قال: بابي يدا طالما جلت فيها.
وتراخى بنا فنون الأحاديث إلى أن قال لي: يا أبا إسحاق اخبرني عن عظيم ما توخيت بعد الحج؟ قلت وأبيك ما توخيت الا ما سأستعلمك مكنونه قال: سل عما شئت فانى شارح لك انشاء الله قلت: هل تعرف من اخبار آل أبي محمد الحسن عليهما السلام شيئا؟ قال لي: وأيم الله انى لأعرق الضوء بجبين محمد وموسى ابني الحسن ابن علي عليهما السلام ثم انى لرسولهما إليك قاصدا لانبائك أمرهما فان أحببت لقاهما والاكتحال بالتبرك بهما فارتحل معي إلى الطائف وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.
قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف أتخلل رملة فرملة حتى اخذ في بعض مخارج الفلاة فبدت لنا خيمة شعر، قد أشرفت على اكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا، فبدرني إلى الاذن، ودخل مسلما عليهما وأعلمهما بمكاني فخرج على أحدهما وهو الأكبر سنا (م ح م د) ابن الحسن عليهما السلام وهو غلام أمرد، ناصع اللون، واضح الجبين