مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
استطاع إليك نهوضا، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا، تهتز بك، أطراف الدنيا بهجة، وتنشر عليك أغصان العز نضرة، وتستقر بواني الحق في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها، تتهاطل عليك سحائب الظفر، فتخنق كل عدو، وتنصر كل ولى، فلا يبقى على وجه الأرض جبار قاسط ولا جاحد غامط، ولا شاني مبغض، ولا معاند كاشح، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا.
ثم قال: يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما الا عن أهل التصديق والاخوة الصادقة في الدين، إذا بدت لك امارات الظهور والتمكن فلا تبطئ بإخوانك عنا وباهر المسارعة إلى منار اليقين وضياء مصابيح الدين تلق رشدا ان شا الله.
قال إبراهيم بن مهزيار فمكثت عنده حينا اقتبس ما أؤدي إليهم من موضحات الاعلام ونيرات الاحكام، وأروي نبات الصدور من نضارة ما ادخره الله في طبائعه من لطائف الحكم وطرائف فواضل القسم حتى خفت إضاعة مخلفي بالأهواز لتراخي اللقا عنهم فاستأذنته بالقفول، وأعلمته عظيم ما أصدر به عنه من التوحش لفرقته والتجرع للظعن عن محاله، فاذن وأردفني من صالح دعائه ما يكون ذخرا عند الله ولعقبي وقرابتي ان شا الله.
فلما أزف ارتحالي وتهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعا ومجددا للعهد وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم وسألته ان يتفضل بالامر بقبوله منى، فابتسم وقال: يا أبا إسحاق استعن به على منصرفك فان الشقة قذفة وفلوات الأرض امامك جمة ولا تحزن لاعراضنا عنه، فانا قد أحدثنا لك شكره ونشره وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة فبارك الله فيما خولك وادام لك ما نولك وكتب لك أحسن ثواب المحسنين وأكرم آثار الطائعين، فان الفضل له ومنه، واسال الله ان يردك إلى أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الأوبة وأكناف الغبطة
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»