فان قلت: ان هذه الأفعال وان يترتب عليه بعض المنافع الا ان الطفل مفطور عليه لا يقصد به منفعة.
قلت: نعم، ولكن الفرق بينها وبين اللعب واللهو الذي ينزه عنه الانسان الكامل أوضح من أن يخفى، فالأول قد قصد منه مقصدا صحيحا تكوينا وبإرادة خالق الانسان عز وجل ودليل على كمال خلقته وتمامية فطرته وعدمه دليل على النقصان، نعم لا يفهم الطفل غالبا ونوعا ما قصد من رغبته إلى ما نسميه مجازا ومن غير التفات إلى الحكم والغايات التكوينية لهوا ولعبا، اما الامام يفهم ذلك شاعر بهذا الغرض الكاشف عن دقائق حكمة الله تعالى وكمال صنعه.
والاشكال والاستبعاد بصدور هذه الأفعال من الامام الذي أعطاه الله تعالى العلم والحكم صبيا قريب من قول من قال (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) فنفى صدور هذه الأفعال عنهم عليهم السلام لو لم يرجع إلى اثبات نقص فيهم لا يكون كمالا لهم ويؤول الامر إلى تنزيههم من الافعال العادية التي يستحيى الانسان ان يراه الناس فيها والى نفى مثل الشهوة والميل الجنسي عنهم والحال ان بكل ذلك يظهر كمالاتهم الروحية ومقاماتهم الشامخة العالية، ولو راجعنا إلى تواريخ الأنبياء والأئمة عليهم السلام لوجدنا فيها أزيد من ذلك بكثير، من أظهرها ما وقع بين النبي صلى الله عليه وآله وسبطيه العزيزين عليه حتى في حال صلاته وفى سائر الأحوال، فهو يتلاعب بهما وهما يتلاعبان به ويقول: نعم المطية مطيتكما ونعم الراكبان أنتما ويقول في الحسين عليه السلام (حزقة حزقة ترق عين بقة) ولم يقل أحد ان هذا لعب لا يجوز للنبي صلى الله عليه وآله ارتكابه أولا يجوز لسبطيه: الركوب على النبي صلى الله عليه وآله سيما في حال الصلاة وهذه سيدتنا وسيدة نسا العالمين كانت ترقص الحسن عليه السلام وتقول: أشبه أباك يا حسن.. وقالت للحسين: أنت شبيه بأبي لست شبيها بعلي) فهل تجد من نفسك ان تكون الأنبياء والأوصياء محرومين أو ممنوعين من هذه الملاطفات التي تقع بين الآباء والأبناء، ومن أوضح الشواهد على لطافة الروح وحسن الخلق والرحمة الانسانية مع ما فيها من الحكم