تحقيق في اعتبار عدالة الراوي في جواز الاخذ بخبره ان قلت: لعل الصدوق وغيره من المحدثين رضوان الله عليهم اخذوا بأصالة العدالة في رواياتهم عن المجاهيل وغير الموصوفين بالعدالة والصدق في كتب الرجال، ومع أنه لا طريق لنا إلى معرفة حالهم واحراز عدالتهم وصدقهم لعدم ذكر منهم في تلك الكتب أو عدم ذكر جرح ولا تعديل لهم فيها، فكيف نعتمد على تلك الروايات؟
قلت: ان أريد بالأخذ بأصالة العدالة ان الشرط في جواز الاعتماد على الخبر وان كان عندهم عدالة المخبر وصدقه الا انهم كانوا يعتمدون في ذلك على البنا على الايمان وعدالة من لم يثبت فساد عقيدته وصدور الفسق والكذب منه من دون ان يعرفوه بحسن الظاهر، فاستناده إليهم في غاية البعد، بل معلوم العدم، لعدم وجود أصل تعبدي لهذا الأصل.
اما الأصل التعبدي الشرعي فليس في البين الا الاستصحاب وفساد الابتناء عليه أوضح من أن يخفى، لعدم حالة العدالة السابقة المتيقنة لمن لم يثبت فسقه وعدالته حتى تستصحب تلك الحالة.
واما الأصل التعبدي العقلائي أي استقرار بنا العقلا على قبول كل خبر ما لم يثبت جرح مخبره بالكفر وفساد العقيدة أو ارتكاب الكبيرة والفسق فهذا أيضا محل الانكار، مضافا إلى رجوعه إلى عدم اعتبار شرط العدالة والغائه في جواز الاخذ بالخبر.
وان أريد بأصالة العدالة، الاعتماد على حسن الظاهر على أنه العدالة أو على أنه طريق إليها بنا على كونها ملكة نفسانية وحالة روحية يشق بها على صاحبها ارتكاب المعصية، فان اتفق صدورها منه يندم عليها ويتداركها بالتوبة ويلوم نفسه بها، وان عليها يحكم بعدالة من كان له ظاهر حسن لا يتجاهر بما يخالف الشرع ويرتب عليه آثار العدالة فاجرا هذا الأصل بالنسبة إلى المجاهيل وغير الموصوفين بحسن الظاهر واضح الفساد.
نعم، يمكن ان يقال ان المحدثين القدماء مثل الصدوق والكليني وغيرهما رضوان الله تعالى عليهم لم يأخذوا الأحاديث التي أخرجوها في كتبهم من المناكير وابنا السبيل والقاعدين على الطرق والشوارع والقصاص وأمثالهم، فمثل الصدوق عادة