الاتفاق الذي نقله عن الامامية لأمنع من مخالفته بعد ما نعلم أن القولين الذين وقع الاتفاق عليهما مبناهما الروايات والاستظهار منهما، وكيف كان وقوع مثل هذه المخالفات بين الأحاديث لا يقع مستندا لردها ورد حجيتها، بل لابد لنا مع علاج المخالفة بالوجوه المقررة في الأصول.
الثالث من الأمور التي زعم أنها تشهد بوضعه ما أشار إليه بقوله: (وتضمن لعب الحجة عليه السلام مع أن من علائم الإمام عليه السلام عدم لعبه، ففي خبر صفوان الجمال (انه سأل الصادق عليه السلام عن صاحب هذا الامر، فقال: انه لا يلهو ولا يلعب) واقبل أبو الحسن موسى عليه السلام وهو صغير ومعه عناق مكية وهو يقول لها اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد الله وضمه إليه وقال: بابي وأمي من لا يلهو ولا يلعب. وفى صحيح معاوية بن وهب أنه سأل الصادق عليه السلام عن علامة الإمامة، فقال: طهارة الولادة وحسن المنشأ ولا يلهو ولا يلعب وفى اثبات المسعودي والكتاب المعروف بدلائل الطبري في خبر مشتمل على خروج جماعة إلى الجواد عليه السلام بعد وفاة أبيه لامتحانه، ومنهم على بن حسان الواسطي وانه حمل معه من آلات الصبيان أشياء مصاغة من الفضة بقصد الاهداء والاتحاف إليه عليه السلام لطفوليته، قال: فنظر إلى مغضبا ثم رمى به يمينا وشمالا، فقال: ما لهذا خلقنا الله فاستقلته واستعفيته فعفا، وقام فدخل وخرجت ومعي تلك الآلات الخبر.
أقول: ما ذكره من أن الامام لا يلهو ولا يلعب حق لا ريب فيه ويدل عليه من الروايات أزيد مما رواه كما أن هذا ثابت بدلالة العقل أيضا الا ان اللعب يقال على فعل لم يقصد به فاعله مقصدا صحيحا. قال الراغب: (ولعب فلان: إذا كان فعله غير قاصد به مقصدا صحيحا وقال: اللهو ما يشغل الانسان عما يعنيه ويهمه يقال: لهوت بكذا ولهيت عن كذا: اشتغلت عنه بلهو) وأمثال هذه الأفعال الصادرة من الأطفال يترتب عليها منافع مهمة مثل رشد جسمه ونموه واعتدال أعضائه حتى أن علماء التربية والرياضة يلزمون على مربى الأطفال تشجيعهم على هذه الأفعال ولو لم يكن في طفل رغبة إلى هذه الأفعال الرياضية يستدلون به على عدم صحة جسمه، بل وسلامة روحه.