المصيبة، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما)؟! ثم كان يقول: (اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، واجعله وارثا وصيا، واجعل محله منى محل الحسين، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه، ثم (أفجعني) به كما تفجع محمدا حبيبك بولده) فرزقه الله يحيى وفجعه به وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك، وله قصة طويلة.
قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار امام لأنفسهم، قال:
مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى، قال: فهي العلة، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وانزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم اعلام الأمم واهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار ان يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن، قلت: لا، فقال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله تعالى:
(واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا إلى قوله لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار الا لمن يعلم ما تخفى الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وان لاخطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
ثم قال مولانا: يا سعد وحين ادعى خصمك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما اخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار الا علما منه ان الخلافة له من بعد وانه هو المقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري ان يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفى فيه وانما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه انه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها. فهلا نقضت عليه دعواه بقولك أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة) فجعل هذه موقوفة على أعمار