النفاق، واستدللتم بليلة العقبة، اخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟
قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عنى خوفا من الالزام وحذرا من انى ان أقررت له بطوعهما للاسلام احتج بان بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون الا عند هبوب روائح القهر والغلبة، واظهار الباس الشديد في حمل المر على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا) وان قلت: أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما الباس.
قال سعد: فصدرت عنه مزورا قد انتفخت احشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسالة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن اسال عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبى محمد عليه السلام فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال: بخير لحاقك بي، قلت: الشوق ثم العادة في الأسئلة قال: قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة، فقد برح بي القرم إلى لقا مولانا أبى محمد عليه السلام وانا أريد ان أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه، ولا تفنى غرائبه، وهو امامنا.
فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا فاستأذنا فخرج علينا الاذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم، على كل صرة منها ختم صاحبها.
قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبى محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه الا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشترى في الخلقة والمنظر، وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنه الف بين واوين وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه