مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٤٨
ثم قال: تفرقوا عنى هذه الليلة واتركوني وحدي، فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده. قال سعد: فلما حان ان يكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا انا بكافور الخادم (خادم مولانا أبى محمد عليه السلام) وهو يقول: أحسن الله بالخير عزاكم، وجبر بالمحبوب رزيتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم. ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكا والعويل حتى قضينا حقه، وفرغنا من امره;.
قال صاحب الكتاب دام بقاه تعليقا على هذا الحديث: كما أن متنه يشهد بعدم صحته، كذلك سنده، فان الصدوق انما يروى عن سعد بتوسط أبيه أو شيخه ابن الوليد، كما يعلم من مشيخة فقيهه، والخبر تضمن أربع وسائط منكرين، ومن الغريب ان صاحب الكتاب المعروف بالدلائل رواه بثلاث وسائط مع أنه يروى كالشيخ عن الصدوق بواسطة..
وينبغي الكلام أولا في سنده، ثم في متنه، فنقول:
اما محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني فهو من مشايخ الصدوق، روى عنه وكناه بابي بكر مترضيا عليه في الجزء الثاني (الباب 43) من كمال الدين في ذكر من شاهد القائم عليه السلام ورآه وكلمه (الحديث السادس) فهو مرضى موثوق به، وفى هذا الجزء (الباب 41، الحديث الأول).
واما أحمد بن عيسى الوشا البغدادي أبو العباس، وشيخه أحمد بن طاهر القمي، فأسند إليهما الصدوق أيضا في كمال الدين في الجزء الثاني باب 41 (باب ما روى في نرجس أم القائم عليهما السلام واسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر الملك) ف والظاهر معرفته بحالهما واعتماده عليهما، وذلك لأنه لم يرو في هذا الباب الذي هو من الأبواب المهمة من كتابه الا حديثا واحدا وهو ما رواه عن شيخه محمد بن علي بن حاتم النوفلي، عن أبي العباس أحمد بن عيسى الوشا البغدادي، عن أحمد بن طاهر. بل يظهر من ذلك كمال وثاقتهما عنده واعتماده على صدقهما وأمانتهما، ويظهر مما عنون به الباب أيضا اعتماده واستدلاله على ما كان مشهورا في عصره من اسم أمه عليه السلام ونسبها، بهذا الحديث، فالرجلان كانا معلومي الحال عنده بالصدق والأمانة، والا فلا ينبغي لمثله ان يعتمد على رواية غير موثقة لا يعرف رواتها بالوثاقة في مثل هذا الامر المعتنى به عند الخاص والعام، فالمظنون بل المقطوع اطمئنانه بصحة الرواية وصدق رواتها. ولو تنزلنا عن ذلك فلا محيص عن القول باطمئنانه بصدورها بواسطة بعض القرائن والامارات المعتبرة التي يجبر بها ضعف الراوي ويقطع بها بصحتها، والا فيسأل ما فائدة عقد باب في كتاب مثل كمال الدين للاحتجاج برواية واحدة لا يحتج بها ولا يعتمد عليها مولف الكتاب لجهله بأحوال رجالها؟ وما معنى عنوان الباب بمضمونها؟ وكيف يقبل صدور ذلك من الصدوق قدس سره؟ ألم يصنف كتابه (كمال الدين) لرفع الحيرة والشبهة والاستدلال على وجود الحجة؟ فهل هذه الرواية إذا كان مولف الكتاب لا يعتمد عليها تزيد الشبهة والحيرة أو ترفعها؟
وهكذا نقول في أحمد بن مسرور وانه من المستبعد ان لا يعرف مثل الصدوق تلامذة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»