وثاقته لا يجوز رد روايته بعد القول بصدقه ووثاقته، الا انه ينظر إلى متن ما رواه فيأول أو يحمل على المحامل الصحيحة ان أمكن والا فيترك فيما ثبت دلالته على ما ثبت بالعقل أو النقل الحجة كونه غلوا، هذا، مضافا إلى أنه قد صدر عن بعضهم كثيرا رمى الرجال بالغلو بما ليس منه عند الأكثر وربما كان ذلك لانحطاط معرفة الرامي وعدم بصيرته بأمورهم وشؤونهم عليهم السلام الثابتة بالعقل أو النقل، فإذا كان مراتب الصحابة الاجلاء مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار ونظائرهم من خواص أصحاب الأئمة عليهم السلام في معرفتهم وشهود شؤونهم ومراتبهم العلية متفاوتة جدا فما ظنك بغيرهم، وهذا باب الورود فيه صعب مستصعب لا يصل إلى منتهاه بل لا يقرب منتهاه الا الأوحدي من أصحاب المراتب العالية والدرجات الرفيعة فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي! ما عرف الله الا انا وأنت، وما عرفني الا الله وأنت، وما عرفك الا الله وانا، ومع ذلك نقول: ما للتراب ورب الأرباب، اشهد ان محمدا عبده ورسوله وان خلفائه الأئمة عباده المكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، واشهد انهم المقربون المصطفون المطيعون لأمر الله القوامون بأمره العاملون بإرادته وخلفائه في عباده، من اتاهم نجا ومن تخلف عنهم هلك وانهم محدثون مفهمون، لا يدخل الجنة الا من عرفهم (بشؤونهم العالية ومراتبهم التي لهم عند الله تعالى) وعرفوه (بمعرفته بالولاية والتصديق لهم والتسليم لأمرهم) وان من عاداهم وجحدهم فقد عادى الله وجحده، ولا يدخل النار الا من أنكرهم وأنكروه، فهم خزان علم الله وحفظة سر الله ولولاهم لساخت الأرض باهلها.
(١٥٠)