مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٣٩
الحاذقين والعارفين بموازين في الرد والحكم بالوضع والتحريف والجرح وغيرها، ولو كان أحد مبالغا في ذلك ويرى انه لابد منه فالاحتياط يقتضى ان يذكره بعنوان الاحتمال.
فلذلك رأيت أن الواجب ابدا ما في تشكيكات هذا المؤلف دام ظله حول هذه الأحاديث حتى توجب سوء ظن بعض المغترين وبالتشكيكات بالمحدثين الأقدمين، قدس الله أنفسهم الزكية.
وخلاصة كلامنا معه دام بقاه، ان هذه الأحاديث التي ذكرت في كتابه لو كان فيها بعض العلل على اصطلاحات بعض الرجاليين فإنه يجبر بما يجبر مثله أيضا، على ما بنوا عليه من الاعتماد على الأحاديث.
مضافا إلى أن كثيرا مما ذكره من العلل واضح الفساد لا يعتنى به العارف بأحوال الأحاديث، وما عرض لبعض الروايات بواسطة النقل بالمضمون أو وقوع الاضطراب في المتن لبعض الجهات لا يوجب ترك العمل والاعتناء به رأسا وعدم الاستناد إلى ما يكون فيه، مصونا من الاضطراب، ولولا ذلك لكان باب التشكيك مفتوحا حتى لا يبقى معه مجال للاحتجاج على جل ما يحتج به العقلا في الأمور النقلية التي لا طريق لاثباتها الا النقل، ولضاع بذلك أكثر العلوم النقلية الاسلامية وغيرها.
ولا أظنك ان تتوهم انا ننكر ما هو المسلم عند الكل من وجود الأحاديث الموضوعة والمحرفة ونريد الحكم بصحة جميع ما في الكتب من الأحاديث، بل غرضنا:
أولا: توضيح ان هذه الأخبار ليست بهذه المرتبة من الضعف الذي اهتم لتبيينه هذا المؤلف، لو لم نقل بعدم وجود الضعف في بعضها.
وثانيا: ان التهجم على مثل كتاب كمال الدين وغيبة الطوسي، مع أن مؤلفيها من حذاق فن الحديث وأكابر العارفين بالأحاديث وعللها، والاكثار من ذكر العلل في رواياتها والقول بان هذه الكتب خلط مؤلفوها الصحيح بالسقيم والغث بالسمين، لا فائدة فيه غير زرع سوء ظن في نفوس بعض الجهال، وذلك مما لا ينبغي ان يصدر من مثله سلمه الله، نعم لو كان في بعض الأحاديث ما لا يوافق الأصول الأصلية الاعتقادية، كان التعرض لعلله وإطالة الكلام فيها والاشتغال بها واجبا.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أن من جملة ما عده في الأحاديث الموضوعة في الفصل الأول من الباب الثاني من ذلك الكتاب ما رواه شيخنا الصدوق قدس سره في كمال الدين، عن محمد بن علي بن حاتم النوفلي، عن أحمد بن عيسى الوشا، عن أحمد بن طاهر القمي، عن محمد بن بحر بن سهل الشيباني، عن أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله القمي قال: كنت أمرا لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقايقها، كلفا
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»