قابل للإفاضة الغيبية، والعناية الربانية كالعصمة والعلوم اللدنية لا يحرم منها، ويستحيل أن يمنع الله تعالى ذلك عنه، والله تعالى أعلم بموارد عناياته وإفاضاته.
هذا، ولنا أن نقول: إن النظام لا يتم بل لا يقوم إلا على التفضيل والاختصاص والاصطفاء فاختصاص العين بالرؤية، والأذن بالسمع، وسائر الأعضاء كلها بخاصية معينة، وكذا اختصاص هذا الشجر بهذا الثمر، وهذا بهذا هو المقوم لهذا النظام بإذن الله تعالى، ولو لم يكن هذا الإختصاص لم يكن هذا العالم (وذلك تقدير العزيز العليم) (1) فالاصطفاء والاختصاص والتفضيل أمر واقع في عالم التكوين مهما كانت علله، ومعلومة كانت لنا، أو مجهولة عندنا.
نرى ذلك بالعيان، ونقرؤه في تراجم الأنبياء والأولياء وأرباب العقول الكبيرة وغيرها، كما نلمس عصمة الأنبياء والأولياء من خلال سيرتهم وعباداتهم، وخصائصهم وأخلاقهم، لا يمكننا إنكار الواقعيات.
القرآن المجيد أيضا ناطق باصطفاء بعض الناس على بعض، وبعض الأنواع على بعض قال الله تعالى (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) (2) وقال سبحانه (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات) (3) وقال عز من قائل (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) (4) (أي عالم زمانها كما ورد في التفاسير).
وقال جل شأنه (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين) (5) (أي عالمي زمانهم).
وقال الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا) (6)