وأما إن كان الحكم معلوم التعلق بالمكلف في جميع حالاته فالدليل الدال على الشرايط واجزاء موضوع الحكم الكلي الثابت على جميع المكلفين مثل الصلاة إذا كان قاصرا عن شموله للجميع فالواجب علينا الاحتياط إن أمكن وقلنا بوجوبه وعدم جواز اجراء البراءة في الشرايط والأجزاء، وإلا فيجوز الاكتفاء بما بقي من الأجزاء والشرائط.
وإن شئت قلت: إن في تحديد موضوع الحكم الكلى وتعيين شرايطه وأجزائه لا يجب على الشارع بيان تكليف المكلف في الحالات النادرة، أو تكليف النادر من المكلفين، بل وغير النادرين بعد إمكان إتيان المكلف بالتكليف الكلي بالعمل بالاحتياط، أو العمل بالأصول العملية لو كان مورد ابتلائه مجرى تلك الأصول كما في ما نحن فيه، فإنه في جانب الصلاة يأتي بها بعد العلم بدخول الصبح وفي جانب الصوم يأخذ باستصحاب جواز الأكل والشرب (استصحاب الحكم) وأما استصحاب الموضوع أي الليل، فقد يقال بعدم جريانه لتردد مفهومه بين الفرد المحقق عدم بقائه وبين الفرد المتيقن بقائه.
وفيه: أن الزمان مثل الليل إن كان موضوعا للقطعة الخاصة منه المحدودة بين الحدين، وتردد مفهومه بين قطعة خاصة محدودة بالحدين الكذائيين، وما هو محدود بالحدين الآخرين اللذين يكون بهما أطول من الأولى، وبعبارة أخرى: يكون بالحدين الأولين مقطوع التحقيق وبالحدين الآخرين غير المحقق، فلا ريب في عدم جريان الاستصحاب فيه لا فردا ولا كليا، لأنه إن كان الأول فقد تحقق بعد وصول إلى حده الثاني ومضى وتصرم بعده، فلا شك في تحققه في الزمان السابق وعدم تحققه في الزمان اللاحق، وإن كان الثاني فلا شك في عدم تحققه قبل تحقق حده الثاني، وهذا نظير الحركة القطعية التي لا يتحقق بالنسبة إليها اجتماع اليقين والشك.
وأما إن كان موضوعا لما يتحقق بين الحدين (لا لما يتحقق بالحدين) كالحركة التوسطية، فاجتماع اليقين والشك فيه يتحقق بالوجدان سواء كان الشك فيه من جهة وصول الفرد المتحقق إلى منتهاه، أو من جهة أن الفرد المتحقق هو الذي ينتهى وجوده ويزول بعد ساعة أو ما يزول ويرتفع بعد ساعتين، وسواء كان ذلك من جهة تردد