المعرفة بالله تعالى، الشامل لجميع المسائل الاعتقادية كالتوحيد والنبوة والإمامة والمعاد، إنما هو الإيمان والاعتقاد بهذه الحقائق...
وجميع المواجهات التي كان يقوم بها المشركون بوجه خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) إنما كانت مواجهات لما كان يبديه من اعتقاده!...
وعلى كل حال، فإنه ما لم تصح عقيدة الإنسان والمجتمع وتخلص من الخرافات وتتنزه عن الأوهام، فلا سبيل للمجتمع إلى الرقي الحقيقي والرشد والتقدم، بل حتى لو قدر له أن يتقدم في المظاهر المادية أو الظواهر الاقتصادية فإن ذلك سيحدث له صعوبات ومشاكل، وسيبتلي بالظلم والاستكبار والاستعلاء، ولذا فإن انحراف العقيدة وتلون الاعتقاد أشد خطرا من أي سقم ومرض...
ومن أجل حفظ العقيدة جاء الاسلام بتعاليم مهمة لصيانة المجتمع عن الانحراف العقائدي والفساد الفكري، لئلا يختطف سراق العقيدة هذه الثروة الإنسانية النفيسة التي لا نظير لها، فكان من هذه التعاليم والفرائض المهمة وجوب كشف البدع والبراءة من أهل البدع، والرد على شبهاتهم، وتحريم نشر عقائدهم الفاسدة، ومنع نشر كتب الضلال، ووجوب إبطال الباطل وإظهار الحق، وأمثال هذه التكاليف من أجل صيانة العقائد عن الانحراف، وحماية ثغور المسلمين الفكرية والعقائدية.
فمثل هذا التحذير (من أصغى إلى ناطق فقد عبده) والتأكيد على مجالسة العلماء والاجتناب عن مجالسة أهل البدع إنما كان لهذا الغرض.
وما يأمر به القرآن الكريم في قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) (1) وفي قوله تعالى (إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم) (2) كل ذلك للحفاظ على العقائد والأخلاق وصونها...