مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
ويجب الامساك عنده إلا أنه لا يدل على تحقق الفجر به فلعله تحقق قبل ذلك وإنما منع من ظهوره ورؤيته النور الباقي من أول الليل، كما يمنع منه نور القمر في الليالي المقمرة، ولكن مع ذلك يحكم بعدم جواز الأكل والشرب قبل ذلك بحكم الاستصحاب فلا فائدة عملية في ذلك، فإنه كيف كان يجوز الأكل والشرب قبل ذلك كما يجب تركهما بعده.
نعم لو ادعى أحد بمناسبة الفارق الزماني المذكور سبق طلوع الفجر على زمان اشتداد الضوء وانتشاره، وادعى تحققه في زمان معين قبل ذلك، فعليه العمل على طبق قطعه، فلا يجوز له الأكل والشرب وإلا فيعمل على الاستصحاب إلى زمان حصول اليقين بدخول الصبح.
هذا تمام الكلام في هذا الأمر والله هو الموفق للصواب.
الأمر الثالث هل الحكم المستفاد من قوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) (1) حكم واقعي أم حكم ظاهري مجعول للشاك في بقاء الليل وجواز الأكل والشرب؟ وهل التبين المذكور في الآية الكريمة اخذ على نحو الطريقية أو الموضوعية؟
والجواب إنه يجوز أن يكون حكم جواز الأكل والشرب المستفاد من الآية الشريفة حكما واقعيا تكون غايته التبين المذكور فيها، وهي تتحقق بتحقق الخيط الأبيض المتبين من الخيط الأسود للناس من ذوي الأبصار المتعارفة كسائر المبصرات إذا لم يكن عن تبينه مانع كغلبة نور القمر في الليالي المقمرة، وعليه يكون الحس والرؤية الطريق للاحراز هذا الأمر المتبين بنفسه كسائر الموضوعات المحسوسة والمبصرة من غير احتياج إلى جعل من الشارع، وعلى هذا الاستظهار يكون ما هو الموضوع لتحقق

(١) قال في مجمع البيان: والخيط الأبيض بياض الفجر والخيط الأسود سواد الليل وأول النهار طلوع الفجر الثاني لأنه أوسع ضياء، وقال ابن الأثير في النهاية وفي حديث عدى (الخيط الأبيض من الخيط الأسود) يريد به بياض النهار وسواد الليل.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 281 ... » »»