مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
الغاية أمرا واحدا، وهو الخيط الأبيض المتبين بنفسه من الخيط الأسود، لا أمرين يكون أحدهما الخيط الأبيض والآخر تبين ذلك.
وعليه حيث يكون التبين لازما لوجود الموضوع لا ينفك عنه ليس هو من الموضوع بشئ أي لم يؤخذ فيه وليس هو طريقا إليه، فيكفي حصول العلم بذلك الأمر المتبين بنفسه، ويقوم مقام رؤيته في الليالي المقمرة التي لا يدرك ذلك بالبصر لمنع المانع.
ويجوز أن يكون الحكم المذكور واقعيا غايته التبين المذكور على أن يكون التبين جزء للغاية المركبة منه ومن الخيط الأبيض.
وعليه أيضا الحكم بجواز الأكل في الليالي الغير المقمرة يكون حكما واقعيا لا محالة، وأما الليالي المقمرة فلا تشملها الغاية المذكورة إذا شك في بقاء الليل، نعم يجوز الأكل والشرب إلى العلم بدخول اليوم بالاستصحاب.
هذا، وهل - على البناء على استظهار الحكم الواقعي من الآية - الأظهر هو الوجه الأول أو الثاني؟
يمكن أن يقال: إن الوجه الثاني وهو كون التبين جزء للموضوع خلاف الظاهر أو كون الأول أظهر منه: أولا لأنه خلاف مفهوم الفجر بحسب العرف فإنه أعم من تبين الخيط الأبيض حسيا أو تقديرا، وثانيا لاستلزامه عدم شمول الضابطة المستفادة من الآية لليالي المقمرة مع ظهور الابتلاء بها ولزوم بيان حكمها، فلذلك يستضعف استظهار الوجه الثاني من الآية الكريمة ويرجح الوجه الأول.
هذا كله مبنى على استظهار كون الحكم المذكور حكما واقعيا.
ولكن التحقيق أنه كما يجوز ذلك يجوز أن يكون الحكم المذكور حكما ظاهريا مجعولا للشاك في الفجر وبقاء الليل حكما أو موضوعا كالاستصحاب، فالشاك في بقاء الليل يبنى على بقائه إلى أن يتبين له الفجر.
ويمكن عد الآية من أدلة حجية الاستصحاب في غير هذا المورد أيضا بادعاء دلالة الآية الكريمة على ارجاع العرف إلى ما هو المركوز في أذهانهم، واستقر عليه عملهم من ابقاء ما كان، على ما كان والأخذ بالحالة السابقة عند الشك في بقائها، وأنها لا تنقض
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 281 283 ... » »»