كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠١
أنباء الأقلية التي وقفت مع الإمام الحسين:
إن دولة الخلافة كانت تملك السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام، وعلى كتابة التاريخ وتوثيق ظاهراته وهذه الدولة كانت جماع مصالح الأكثرية، أو أن تلك الأكثرية كانت تتصور ذلك، أو أن تلك الأكثرية كانت المنتفع الرئيسي من دولة الخلافة، فبيد الخليفة وأركان دولته مفاتيح مال الدولة وجاهها ونفوذها، والولاء للخليفة ودولته أو التظاهر بهذا الولاء أو التطرف فيه هو الطريق الأوحد للحصول على نصيب من مال الدولة وجاهها ونفوذها، لذلك ارتبطت مصالح الأكثرية مع مصلحة الدولة فصارت دولة نفعية، وصارت الأكثرية نفعية أيضا، وعمق الإحساس بالمصلحة المشتركة والنفعية أن الأكثرية المسلمة كانت هي الأكثرية المشركة التي قاومت النبي بكل وسائل المقاومة، وحاربته بكل فنون الحرب طوال 23 عاما حتى أحاط بها النبي فاضطرت للاستسلام، وأعلنت إسلامها مكرهة بالوقت الذي كانت تخفي فيه كامل قناعات الشرك!!! فصارت الأكثرية المشركة بالأمس هي الأكثرية المسلمة اليوم!! لقد تظاهر معسكر الشرك كله بالإسلام أو أعلن إسلامه، وبإسلامهم اختلت تركيبة المجتمع الإسلامي كله، وضاعت بهذا البحر البشري الأقلية المؤمنة التي وقفت مع الرسول وقفة رجل واحد وقامت على أكتافها الدولة والأمة معا. وأصبحت الأقلية المؤمنة كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود على حد تعبير معاوية بن أبي سفيان. لقد كان واضحا أن أي هزة في المجتمع الإسلامي ستقلب موازين القوى فيه رأسا على عقب، وكان رسول الله هو الثقل الذي يحول دون رجفان الأرض من تحت أقدام الذين آمنوا على حد تعبير البتول، فاطمة الزهراء، وكان واضحا بأن الأكثرية التي كانت مشركة بالأمس وأصبحت اليوم مسلمة قد أعادت ترتيب أوراقها، وقررت أن تستفيد من الدين الجديد، وأن تجعله طريق ملك، وأسلوبا للمحافظة على هذا الملك. واستطاعت تلك الأكثرية أن تستخفي نفرا من الذين كانوا محسوبين على النبي، وعلى القلة المؤمنة التي أخلصت له، وكان واضحا أن تلك الأكثرية والنفر الذين استخفتهم يقفون على أهبة الاستعداد وينتظرون بفارغ الصبر موت النبي
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327