" بزرود " (1) فنظر الإمام إلى فسطاط مضروب، فسأل عنه فقيل هو لزهير بن القين، ولما قابل زهير الإمام اقتنع به، فلحق بالإمام وصار أحد رجاله، وبهذا المكان جاء رجل من أهل الكوفة أسدي، فأخبر اثنان من عشيرته أنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة، وقال: إنه رآهما يجران بالأسواق من أرجلهما.
الثامنة: الثعلبية ترك الإمام زرود وتوجه إلى الثعلبية (2)، فجاءه الأسديان الذان عرفا بمقتل مسلم وهاني فسلما عليه وقالا له: يرحمك الله إن عندنا خبرا، فإن شئت حدثناك علانية، وإن شئت سرا، فنظر الإمام إلى أصحابه وقال: " ما دون هؤلاء سر " (3) فأخبراه بما سمعاه من الأسدي عن مقتل مسلم وهاني، فقال: " إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما، وردد ذلك مرارا، عندئذ ناشده الأسديان الانصراف لأنه ليس له بالكوفة ناصر ولا شيعة " (4) قال الأسديان: فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب وقالوا: لا والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا، أو نذوق ما ذاق أخونا، قالا: فنظر إلينا الحسين فقال: " لا خير في العيش بعد هؤلاء "، قال: وفي السحر أمر فتيانه وغلمانه بأن يتزودوا من الماء فاستقوا وأكثروا (5).
وفي الثعلبية وضع الإمام الحسين رأسه، فأغفى ثم انتبه من نومه باكيا، فقال له ابنه علي بن الحسين: ما لك تبكي يا أبت لا أبكى الله لك عينا، فقال الحسين: " يا بني إنها ساعة لا تكذب فيها الرؤيا، فأعلمك أني خففت برأسي خفقة، فرأيت فارسا على فرس وقف علي فقال: يا حسين إنكم تسرعون المسير، والمنايا بكم تسرع إلى الجنة، فعلمت أن أنفسنا نعيت إلينا فقال له ابنه علي: يا