عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ١٩٦
رسول الله هذه الآية " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم. فقالوا:
يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله على منكب سلمان ثم قال: هذا وقومه. والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس " وروي بطرق أخرى عن أبي هريرة مثله. وكذا عن ابن مردويه عن جابر مثله ".
وفي الحديث الشريف معنيان متفق عليهما، وهما: أن الفرس هم الخط الثاني عند الله تعالى لحمل الاسلام بعد العرب، والسبب في ذلك أنهم يصلون إلى الايمان مهما كان بعيدا عنهم، وكان طريقه صعبا.
كما أن فيه ثلاثة أمور محل بحث:
أولها: هل أن هذا التهديد للعرب باستبدال الفس بهم خاص بوقت نزول الآية في عصر النبي صلى الله عليه وآله أو مستمر في كل جيل، بحيث يكون معناه: إن توليتم في أي جيل يستبدل بكم الفرس؟
والظاهر أنه مستمر، بحكم قاعدة أن خصوص المورد لا يخصص الوارد، وأن آيات القرآن تجري في كل جيل مجرى الشمس والقمر، كما ورد في الحديث واتفق عليه المفسرون.
وثانيها: أن الحديث الشريف يخبر أن رجالا من فارس ينالون الايمان أو العلم، ولا يخبر أنهم كلهم ينالونه. فهو مدح لافراد نابغين منهم وليس لهم جميعا.
ولكن الظاهر من الآية والحديث أنهما مدح للفرس بشكل عام لأنه يوجد فيهم رجال ينالون الايمان والعلم. خاصة إذا لاحظنا أن الحديث عن قوم يخلفون العرب في حمل الاسلام. فالمدح للقوم بسبب أنهم أرضية للنابغين، وأهل لاطاعتهم والاقتداء بهم.
وثالثها: هل وقع إعراض العرب عن الاسلام واستبدال الفرس بهم، أم لا؟
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»