صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٥٠
دسائس العدو ولا أساليب فتنه البارعة الا مضاء ونفوذا وانتصارا مع الأيام.
وتلك هي " الفذلكة " التي أجاد الحسن استغلالها كأحسن ما تكون الإجادة، واستغفل بها معاوية أشد ما يكون في موقفه من الحسن يقظة ونشاطا وانتباها.
انه لبى طلب معاوية للصلح، ولكنه لم يلبه الا ليركسه في شروط لا يسع رجلا كمعاوية الا أن يجهر في غده القريب بنقضها شرطا شرطا. ثم لا يسع الناس - إذا هو فعل ذلك - الا ان يجاهروه السخط والانكار، فإذا بالصلح نواة السخط الممتد مع الأجيال، وإذا بهذا السخط نواة الثورات التي تعاونت على تصفية السيطرة الاغتصابية في التاريخ.
وليكن هذا هو التصميم السياسي الذي نزل الحسن من طريقه إلى قبول الصلح، ولتكن هذه هي الفذلكة التي استغفل بها معاوية فكانت من أبرز معاني العبقرية المظلومة في الامام المظلوم.
وأي غضاضة على الحسن - بعد هذا - إذا هو وقع الصلح وفق الخطط المرسومة.
وان له من حراجة ميدانه الأول، ومن الامل بنتائج ميدانه الثاني ما يزين له حديث الصلح، فضلا عما يستأثر به هذا الحديث من ظاهرة الاصلاح في الأمة، وما يتفق معه من حقن الدماء وصيانة المقدسات، وتحقيق وجهة النظر الاسلامي.
وكانت أشهرا لم تناهز عدد الأصابع العشر، ولكنها ناهزت عدد النجوم هزاهز وزعازع، وكانت قطعة من الزمن يتجه إليها القلب بكل ما يملكه من حب واعجاب، فاحت بروائح النبوة، وتجلت فيها مزايا الإمامة الصادقة، وتكشفت على قلتها وقصر مدتها عن حقائق كثير كثير من
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»