صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٣٧
حول الحسن عليه السلام، في ابان وجوده في المقصورة البيضاء بالمدائن!!..
فانظر إلى أي حد كان قد بلغ التفسخ الخلقي في الجيل الذي قدر للحسن أن يتخذ منه أجناده إلى جهاد عدوه.
قد يكون الفرد بذاته من ذوي الحسب، وقد يكون على انفراده من ذوي السكينة، ولكنه إذا انساح بضعفه المتأصل في نفسه مع العاصفة الطارئة، واحتضنته الجماهير المتحمسة من حوله، كان جديرا بان تغلب عليه روح الجماعة فلا يشعر الا بشعورها، ولا يفكر الا بفكرها، ولا يعمل الا بعملها - ويخالف - عندئذ - مشاعره الفطرية مخالفة لا تنفك في أكثر الأحيان عن الندم الجارح عند سكون العاصفة وتبدل الأحوال.
وهكذا كان من السورة الجامحة في ضوضاء المدائن يومئذ ما أخضع لتياره حتى الشيعي الضعيف، فنسي تشيعه ونسي عنعناته، ونسي حتى المعنويات العربية الساذجة التي تتحلل من الدين على اختلاف نزعاته!!..
فإنه ان لم يكن امامك فولي نعمتك، وان لم يكن ولي نعمتك فالكريم الجريح.
وهذا مثل واحد - حفظه التاريخ - عن شيعيهم، ظنك بخارجيهم وأمويهم وشكاكهم وأحمرهم؟.
ومثل واحد حفظه التاريخ، يدل على أمثال كثيرة نسيها التاريخ أو تناساها.
ووجه آخر:
هو ما أشار اليه الحسن نفسه في أجوبته لشيعته الذين نقموا عليه الصلح. قال: " ما أردت بمصالحتي معاوية الا أن ادفع عنكم القتل (1) ".

(1) الدينوري (ص 303).
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»