وكلتا الجريمتين وليدة المؤامرات السرية النشيطة التي حذقها الخوارج الطغام، في مختلف المناسبات.
وشاء الله بلطفه أن لا تبلغ طعنة ابن سنان الأسدي (1) من الحسن، ما بلغته بالأمس القريب ضربة صاحبه ابن ملجم المرادي من أمير المؤمنين أبي الحسن عليه السلام.
ومثلت هذه المؤامرة الدنيئة أفظع قطيعة لرسول الله صلى الله عليه وآله من نوعها، بما حاولته من القضاء على الامام الثاني - سبطه الأكبر -. وازدلفت إلى معاوية بالخدمة الفريدة التي لا تفضلها خدمة أخرى لأهدافه، من القوم الذين كان يقال عنهم " انهم انما خرجوا مع الحسن لأنهم يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة "!!
وهكذا ثبت للامام الحسن بصورة لا تقبل الشك، نيات المحكمة معه رغم مجاملاتهم الكاذبة له. وكان هو منذ البداية شديد الحذر منهم ولكنه كان يعاملهم - دائما - على ضغن مكتوم.
وليس أنكى من عدو في ثوب صديق. ذلك هو العدو الذي ينافقك ظاهرا، ويحاربك سرا. وأنكى أقسام هذا العدو عدو يحاربك بذحوله وعصبيته كما حاربت الخوارج الحسن بذحولها وعصبيتها.
* * * وهكذا قدر لجيش الحسن عليه السلام، أن يتخم بالكثرة من هؤلاء وأولئك جميعا، وأن يفقد بهذا التلون المنتشر في صفوفه، روحية الجيش المؤمل لربح الوقائع. وأن يبتلي بالصريح والدخيل من كيد العدوين الداخل والخارج، وفي المكانين العراق والشام معا.