حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٤٤
قيل: لعلة الوفادة إلى الله عز وجل وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف العبد تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل مع ما فيه من إخراج الأموال، وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل والولد وحظر الأنفس عن اللذات، شاخص في الحر والبرد ثابت ذلك عليه دايم مع الخضوع والاستكانة والتذلل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق الأرض وغربها ومن في البرد والحر (1) ممن يحج وممن لا يحج من بين تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين ومكار وفقير وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها من النفقة ونقل أخبار الأئمة (عليهم السلام) إلى كل صقع وناحية كما قال الله تعالى:
(فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (2).
الحج مؤتمر عام يهدف إلى غايات عظيمة ومنافع مهمة تعود بالخير العميم على العالم الاسلامي وقد أدلى الإمام الرضا (عليه السلام) ببعضها ولو أردنا أن نستقصي ثمرات الحج وفوائده لضاق بنا المجال وأهم ما فيه تعارف الشعوب الاسلامية بعضها بحاجات البعض منها وذلك للوصول إلى مستوى رفيع بين شعوب العالم وأمم الأرض ومضافا لذلك هي الناحية الاقتصادية فإن لكل شعب من الشعوب الاسلامية صناعات ومنتوجات لا توجد في غيرها وبواسطة الحج يمكن إبرام اتفاقات تجارية فيما بينها لتبادلها.
وعلى أي حال فالحج يرمز إلى رفع مستوى الحياة الفكرية والعملية والاقتصادية للمسلمين ولا يضاهيه أي مؤتمر من مؤتمرات الدول العالمية الحج مرة واحدة:
قال (عليه السلام): فإن قال قائل: فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك؟
قيل له: لان الله تعالى وضع الفرايض على أدنى القوم مرة كما قال الله عز وجل: (فما استيسر من الهدي) يعني شاة ليسع له القوي والضعيف وكذلك سائر الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة فكان من تلك الفرائض الحج

(1) لعل الصحيح: في البر والبحر.
(2) سورة التوبة: آية 122.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست