حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٥
تحفها ملائكة الرحمن، وتستقبلها في رياض الخلد أرواح الأنبياء والأوصياء، لقد اظلمت الدنيا بفقده، وأشرقت الآخرة بقدومه، وكانت وفاته رزءا على العلماء والفقهاء ورجال الفكر الذين كانوا ينتهلون من نمير علومه، كما كانت وفاته رزءا شعبيا عاما فقد فقدت الأوساط الشعبية من كان يسهر على مصالحهم، ويناضل عن قضاياهم.
لقد انتقل الامام إلى حضيرة القدس بعد ما أدى رسالة ربه، فلم يشترك باي عمل ايجابي في جهاز دولة المأمون، ورفض أي تعاون معه، وقد سلب بذلك شرعية حكومة المأمون وانها لم تكن قائمة على حكم الله تعالى، وقد عانى من أجل ذلك جميع ألوان الاضطهاد حتى قضى عليه المأمون.
رياء المأمون:
وأظهر المأمون الحزن، والجزع الكاذب، على وفاة الامام فقد خرج حافيا، حاسرا، يضرب على رأسه، ويقبض على لحيته، ويبكي، وقد رفع عقيرته ليسمعه الناس قائلا:
" ما أدري أي المصيبتين أعظم علي، فقدي لك، وفراقي إياك، أو تهمة الناس لي أني اغتلتك وقتلتك... " (1).
لقد أظهر المأمون الأسى على وفاة الإمام (عليه السلام) لتبرير ساحته ودفع التهمة عنه بأنه هو الذي اغتاله، ولكن سرعان ما انكشف رياؤه، واتضح للمجتمع بأنه هو المسؤول عن اغتياله.
اخفاء موت الامام:
وأخفى المأمون موت الإمام (عليه السلام) يوما وليلة (2) وفيما أحسب أنه استعد لحالة الطوارئ، والخوف من الانتفاضة الشعبية عليه، فقد أوعز إلى رجال من أمنه، وقواته المسلحة بالاستعداد لكل حادث يحدث.
تشييع جثمان الامام:
وشيع جثمان الامام تشييعا حافلا لم تشاهد مثله (خراسان) في جميع أدوار

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٤١.
(٢) مقاتل الطالبيين (ص 567) ارشاد المفيد (ص 316).
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست