حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
الامام لا يغسله إلا إمام مثله، فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى، وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن ب‍ (طوس)؟
فإذا قال ذلك: فقل له: إنا نقول: ان الامام لا يجب أن يغسله إلا إمام مثله، فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله، ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده، بأن غلب على غسله أبيه، ولو ترك أبو الحسن على بن موسى الرضا (ع) بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا، ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى، فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني، فضعني على نعشي، واحملني، فإذا أراد أن يحفر قبري، فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري، ولا يكون ذلك ابدا، فإذا ضربت المعاول ينب عن الأرض (1) ولم يحفر لهم منها شئ، ولا مثل قلامة ظفر، فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم، فقل لهم عني: اني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد، فإذا ضربت تقذفه في الأرض إلى قبر محفور، وضريح قائم، فإذا انفرج القبر فلا تنزلني حتى يفور من ضريحه الماء الأبيض فيملئ منه ذلك القبر....... فإذا غار الماء فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح (2).
وأمر الإمام (عليه السلام) هرثمة بحفظ ما قاله، فاجابه هرثمة إلى ما أراد، وفي اليوم الثاني بعث المأمون خلف الامام، فلما حضر عنده قام إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه واجلسه إلى جانبه، واقبل عليه يحادثه، وامر بعض غلمانه أن يأتيه بعنب ورمان، قال هرثمة: فلم أستطع الصبر وأصابتني رعدة.
وناول المأمون الامام العنقود من العنب، وقال له:
" يا بن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا؟... ".
" فرد عليه الامام:
" ربما كان عنبا حسنا منه في الجنة... ".
وطلب من الامام أن يتناول منه شيئا فامتنع (عليه السلام) منه، فصاح المأمون:

(1) ينسب عن الأرض أي يمتنع ولا يؤثر فيها.
(2) عيون أخبار الرضا 2 / 247 وقريب منه في نور الابصار (ص 145).
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست