حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٤
ولم يخف على الامام خداعيهما، وزيف قوليهما، فلو كانا صادقين في القول لقاما بذلك، قبل أن يفاوضا الامام، وهما يعلمان انه (عليه السلام) يرفض كل محاولة لا يقرها الاسلام، والتي منها عملية الاغتيال، فزجرهما، وقال لهما:
" كفرتما النعمة، فلا تكون لكما السلامة، ولا لي إن رضيت بما قلتما... ".
وبادرا نحو المأمون فاخباره بمقالة الامام فجزاهما خيرا، وسارع الامام نحو المأمون، واعلمه بالامر، وذلك لتبرير ساحته، وتبين للمأمون ان الامام لا يضمر له سوءا (1) وأكبر الظن ان هذه العملية كانت بتدبير من المأمون للاطلاع على نوايا الامام تجاهه.
وشاية بالامام:
وعرضت البحوث الواعية في دراسة التأريخ الاسلامي إلى أن الفضل بن سهل لم يكن علوي الفكر (2) فقد قام بخطوات رهيبة معادية للإمام الرضا (عليه السلام)، والتي كان منها وشايته بالامام إلى المأمون، فقد قال له:
" إنك جعلت ولاية العهد لأبي الحسن، وأخرجتها من بني أبيك والعامة، والعلماء، والفقهاء، وآل عباس لا يرضون بذلك وقلوبهم متنافرة عنك... " (3).
أرأيتم كيف حرض الفضل على النكاية بالامام، والوشاية به فقد ملا قلب المأمون حقدا وكراهية للإمام (عليه السلام).
معارضته للامام:
وكان الفضل شديد المعارضة للامام، فإذا ذهب الامام إلى رأي عاكسه، ودعا المأمون إلى نقضه، وكان ذلك ما نقله الرواة ان المأمون دخل على الامام، وقرأ عليه كتابا، فيه ان بعض قواته فتحت بعض قرى (كابل)، فقال له الامام:
" أو سرك فتح قرية من قرى الشرك؟... ".
وسارع المأمون قائلا:

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 167.
(2) يراجع في ذلك إلى كتاب الإمام الرضا للسيد جعفر مرتضى فقد نفى عن الفضل نسبة التشيع بصورة جازمة خلافا لما ذهب إليه ابن خلكان في وفيات الأعيان 3 / 209 وغيره من أنه كان شيعيا.
(3) عيون أخبار الرضا 2 / 160.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست