حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٧
" وقد كان هذا الرجل - يعني الامام - مستترا عنا، يدعو إلى نفسه، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا، وليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به انه ليس مما ادعى في قليل ولا كثير، وان هذا الامر لنا من دونه، وقد خشينا ان تركناه على تلك الحالة ان ينفتق علينا منه ما لا نسده، ويأتي علينا منه ما لا نطيقه، والآن فإذ قد فعلناه، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه على ما أشرفنا فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلا، قليلا، حتى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق لهذا الامر ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه... " (1).
لقد كشف المأمون الغطاء عن الدوافع التي دعته لعقد ولاية العهد للإمام (عليه السلام) وهي:
أولا - ان الإمام (عليه السلام) كان يدعو الناس إلى نفسه سرا وبتقليده لولاية العهد يكون دعاؤه للمأمون، ويعترف بملكه وخلافته.
ثانيا: انه أراد أن يظهر للملا أن الإمام (عليه السلام) لم يكن زاهدا في الحكم، ومبتغيا الدار الآخرة.
وقد اعترف أخيرا بالخطأ في ترشيحه لهذا المنصب، وانتدابه للقيام بالاستسقاء وغيره التي ظهرت روحانيته، وعظيم مكانته عند الله، ولكنه سوف يبغي له الغوائل، ويكيده حتى يقضى عليه.
خشية المأمون من الامام:
وخشي المأمون من الامام، وفزع من التفاف الجماهير حوله، وخاف على ملكه من الزوال، فقد استبان للناس فضل الإمام (عليه السلام) وروحانيته، وانه هو القادر على أن يبسط العدل السياسي، والعدل الاجتماعي في ربوعهم، وان بني العباس لا لايقة لهم لزعامة الأمة والتحكم في سلطان المسلمين.
قرارات هامة:
وأخذ المأمون يطيل التفكير، ويقلب الرأي على وجوهه مع مستشاريه للتخلص من الامام، فاتخذ من القرارات ما يلي:

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 169 - 170.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست