حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
عليه، وعرض ذلك على الامام وطلب منه أن يدعو الله تعالى لينزل المطر على الناس، فأجابه الامام: إني افعل ذلك يوم الاثنين، فقال له المأمون: ولم ذلك، فقال (عليه السلام):
" إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاني البارحة، ومعه أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وقال: يا بني انتظر بوم الاثنين، فأبرز إلى الصحراء واستسق، فان الله تعالى سيسقيهم، وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم ليزدادوا علما بفضلك ومكانك من ربك عز وجل... ".
وانتظر المأمون، وباقي حاشيته الاثنين، وقد أوعز إلى جميع الأوساط الشعبية بالخروج إلى الصحراء يوم الاثنين ولما حل هذا اليوم هرعت الناس إلى الصحراء، وخرج الإمام (عليه السلام) وعليه هيبة الأنبياء فلما انتهى إلى الصحراء نصب له منبر وقد حفت به الجماهير، وقد علت أصواتهم بالتهليل والتكبير.
دعاء الامام:
واعتلى الامام المنبر فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال:
" اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت، فتوسلوا بنا كما أمرت، وأملوا فضلك، ورحمتك، وتوقعوا احسانك، ونعمتك، فاسقهم سقيا نافعا، عاما، غير رايث (1) ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم...
وأصاف الامام قائلا:
" فوالذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق نبيا، لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم، وأرعدت وأبرقت... ".
ولما سمعت الجماهير كلام الامام أرادت الرجوع إلى أهلها لئلا يصيبهم المطر، فقال (عليه السلام): ليست هذه السحابة التي أطلت عليكم لكم، وانما هي لبلد وسماه لهم.
وهكذا أطلت على الجماهير عشر سحب متوالية، ويخبر الامام عن كل سحابة انها تهطل في بلد وسماه، وأطلت السحابة الحادية عشر، فقال (عليه السلام):

(1) غير رأيت: أي غير بطئ.
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست