حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٦
تدبيرا، وأقوى في تثبيت حق المأمون، والدعاء إليه حتى غصم أنياب الضلالة، وفل حدهم، وقلم أظفارهم، وحصد شوكتهم، وصرعهم مصارع الملحدين في دينهم، والناكثين لعهده، الوانين في أمره، والمستخفين بحقه الآمنين لما حذر من سطوته وبأسه مع آثار ذي الرياستين في صنوف الأمم من المشركين، وما زاد الله به في حدود دار المسلمين، مما قد وردت أنباؤه عليكم، وقرئت به الكتب على منابركم، وحملة أهل لآفاق إليكم إلى غيركم فانتهى شكر ذي الرياستين بلاء أمير المؤمنين عنده، وقيامه بحقه، وابتذاله مهجته، ومهجة أخيه أبي محمد الحسن بن سهل الميمون النقيبة، المحمود السياسة إلى غاية تجاوز بها الماضيين، وفاز بها الفائزون.
وانتهت مكافأة أمير المؤمنين إياه إلى ما حصل له من الأموال والقطايع، والجواهر، وان كان ذلك لا يفي بيوم من أيامه، ولا بمقام من مقاماته، فتركه زهدا فيه، وارتفاعا من همته عنه، وتوفيرا له على المسلمين، واطراحا للدنيا، واستصغارا لها، وايثارا لآخرة ومنافسة فيها.
وسأل أمير المؤمنين ما لم يزل له سايلا، وإليه فيه راغبا من التخلي والتزاهد، فعظم ذلك عنده وعندنا، لمعرفتنا بما جعل الله عز وجل في مكانه الذي هو به من العز للدين والسلطان، والقوة على صلاح المسلمين، وجهاد المشركين، وما أرى الله به من تصديق نيته، ويمن نقيبته، وصحة تدبيره، وقوة رأيه، ونجح طلبته، ومعاونيه على الحق والهدى، والبر والتقوى، فلما وثق أمير المؤمنين وثقنا منه، بالنظر للدين، وإيثار ما فيه صلاحه، وأعطيناه سؤاله الذي يشبه قدره، وكتبنا له كتاب حباء وشرط، قد نسخ في أسفل كتابي هذا، وأشهدنا الله عليه، ومن حضرنا من أهل بيتنا والقواد، والصحابة، والقضاة والفقهاء والخاصة والعامة.
وأمر أمير المؤمنين بالكتاب إلى الآفاق ليذيع، ويشيع في أهلها ويقرأ على منابرها، ويثبت عند ولاتها وقضاتها، فسألني أن اكتب بذلك، وأشرح معانيه وهي على ثلاثة أبواب:
ففي الباب الأول:
البيان عن كل آثاره التي أوجب الله بها حقه علينا، وعلى المسلمين.
الباب الثاني:
البيان عن مرتبته في إزاحة علته في كل ما دبر، ودخل فيه ولا سبيل عليه، فيما
(٣٤٦)
مفاتيح البحث: الحسن بن سهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست