حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٣
وضجت الأرض بالتكبير، وماج الناس، وعلت أصواتهم بالتكبير وتذكروا في صورة الإمام (عليه السلام) صورة جده الرسول (ص) الذي طور الحياة الفكرية في الأرض، وتبين لهم زيغ أولئك الملوك الذين حكموهم بالظلم والجور.
وكان الامام العظيم سلام الله عليه يمشي على قدميه، ويقف في كل عشر خطوات، ويكبر الله تعالى أربع مرات، وتخيل الناس ان السماء والأرض، والحيطان تجاوبه، وصارت (مرو) ضجة واحدة، وبلغ المأمون ذلك فارتاع، وفزع، وانبرى إليه الفضل بن سهل فقال له:
" يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس، فالرأي أن تسأله أن يرجع... ".
وبعث المأمون بعض جلاوزته إلى الامام فسأله الرجوع، فدعا (عليه السلام) بخفة فلبسه ورجع من دون أن يصلي بالناس (1) وقد أظهرت هذه البادرة روحانية الامام، وزهده في الدنيا، ورفضه لمباهج الملك والسلطان، ويصف البحري خروج الإمام (عليه السلام) إلى الصلاة بهذه الكيفية بقوله:
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيت إلى المصلى لابسا * نور الهدى يبدو عليك فيظهر ومشيت مشية خاضع متواضع * لله لا يزهو ولا يتكبر ولو أن مشتاقا تكلف غير ما * في وسعه لمشى إليك المنبر (2) ويقول الرواة: إن خروج الامام إلى الصلاة بهذه الكيفية كانت من أهم العوامل التي أدت إلى حقد المأمون على الامام، واقدامه على اغتياله.
استسقاء الامام:
وحبس المطر عن الناس، فعزى ذلك بعض الحاقدين على الإمام (عليه السلام) ذلك إلى توليه ولاية العهد، وأخذوا يذيعون ذلك وينشرونه في الأوساط الشعبية للطعن بشخصية الإمام (عليه السلام) وبلغ المأمون ذلك، فثقل

(١) أصول الكافي ١ / ١٨٩ - ١٩٠ عيون أخبار الرضا ٢ / ١٥٠ - ١٥١ المناقب ٤ / ٣٧١ - ٣٧٢، كشف الغمة.
(٢) المناقب 4 / 372.
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست