حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٨
أولا: عقد المؤتمرات العلمية التي تضم كبار علماء الدنيا لامتحان الامام لعله يعجز عن الإجابة فيتخذ من ذلك وسيلة للطعن في شخصية الامام، وابطال مذهب التشيع الذي ينص على أن الامام لا بد أن يكون اعلم أهل عصره، كما أنه إذا عجز الامام فإنه يكون في فسحة من عزله عن ولاية العهد.
وقد فشلت هذه الخطة فشلا ذريعا، فقد حلق الامام، وارتفع صيته، وأقرت جميع الوفود العلمية التي سألته بأنه يملك طاقات هائلة من العلوم لا تحد، وانه فوق العلماء في مواهبه وعبقرياته الامر الذي أوجب أن يقر بإمامته طائفة من كبار العلماء الذين امتحنوه.
ثانيا: فرض الرقابة عليه، واحاطته بقوى مكثفة من الامن تحصي عليه أنفاسه، وقد أسندت مديرية الرقابة التي تشرف عليه إلى هشام بن إبراهيم الراشدي الهمداني، وكان إبراهيم فيما يقول الرواة عالما أديبا، وكانت أمور الإمام الرضا (عليه السلام) قبل ان يحمل إلى (خراسان) تجري من عنده وعلى يده، كما أن الأموال التي كانت ترسل إلى الامام كانت تبعث على يده، ولما حمل الامام إلى (خراسان) اتصل إبراهيم بذي الرياستين فأغراه بالمنصب والأموال، فتغلب هواه على دينه فانحرف عن الحق، فصار عينا على الامام فجعل ينقل جميع أخباره وشؤونه إلى الفضل والى المأمون، وقد أسند إليه المأمون حجابة الرضا، فكان لا يصل إليه إلا من أحب، وضيق على الامام غاية التضييق، وكان لا يتكلم بشئ قل أو كثر إلا أورده على المأمون وعلى وزيره الفضل (1) وبذلك فقد سيطر المأمون على جميع شؤون الامام، وعرف جميع من يتصل به.
ثالثا: طرد الشيعة من الحضور في مجالس الامام والاستماع إلى حديثه، وقد عهد المأمون للقيام بذلك إلى حاجبه محمد بن عمرو الطوسي فطرد الشيعة، وزبرهم من الالتقاء بالإمام (عليه السلام)، وقد قابل المأمون الامام بشراسة فغضب (عليه السلام)، وقام فصلى ركعتين، وقال في قنوته:
" اللهم يا ذا القدرة الجامعة والرحمة الواسعة، والمنن والمتتابعة والآلاء والمتوالية، والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، ولا يمثل بنظير، يا

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 153.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»
الفهرست