1 - ان المأمون لما عرض الخلافة على الامام، وقال له: إني رأيت أن اعزل نفسي عن الخلافة، وأجعلها لك، وأبايعك... ".
وانظروا إلى صراحة الامام في جوابه قال (عليه السلام):
" إن كانت هذه الخلافة لك، والله جعلها لك فلا يجوز أن تخلع لباسا البسكه الله، وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك... " (1).
أرأيتم هذا المنطق الفياض، والحجة الدامغة الحافلة بالحق والصدق، وقد فقد المأمون إهابه، فلم يدر ماذا يقول فالتجأ إلى الصمت والسكوت.
2 - ولما امتنع الامام عليه من قبول الخلافة عرض عليه المأمون ولاية العهد، فاجابه بهذا الجواب قائلا:
" تريد بذلك - أي بتقليده لولاية العهد - أن يقول الناس: ان علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد؟... ".
والتاع المأمون، وورم أنفه، وصاح بالإمام (عليه السلام) قائلا:
" إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد، وإلا أجبرتك على ذلك، فان فعلت وإلا ضربت عنقك... " (2).
ان الإمام (عليه السلام) في جميع خطواته واعماله قد آثر رضى الله تعالى، فلم يحاب أحدا، ولم يصانع مخلوقا، ولو صانع المأمون وتقرب إليه، وأرضى عواطفه لما قدم المأمون على اغتياله وقتله.
3 - وكان من صراحة الإمام (عليه السلام) وعدم محاباته للمأمون أن المأمون قال له:
" يا أبا الحسن إني فكرت في شئ، فنتج لي الفكر الصواب فيه، فكرت في أمرنا وأمركم، نسبنا ونسبكم، فوجدت الفضيلة فيه واحدة، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى والعصبية... ".