سقيمة من البواري إلى أن بنت عليها السيدة زينب بنت محمد بن علي الجواد قبة (1) وأصبح مرقدها الطاهر من أعز أمكنة العبادة، والمراقد المطهرة في الاسلام، كما أصبحت تلك المدينة المقدسة جامعة من جوامع العلم، ومركزا من مراكز الثقافة في الاسلام.
ويقول الحسن بن محمد القمي: كنت عند الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: " ان لله حرما وهو مكة ولرسوله (ص) حرما، وهو المدينة، ولأمير المؤمنين حرما وهو الكوفة ولنا حرما وهو (قم)، وستدفن فيه امرأة من ولدي تسمى فاطمة، من زارها وجبت له الجنة (2) وقد أعلن الإمام الصادق (عليه السلام) ذلك قبل ولادتها.
صلاة العيد:
وطلب المأمون من الإمام الرضا (عليه السلام) أن يصلى بالناس صلاة العيد، ويخطب بعد الصلاة، لتطمئن بذلك قلوب العامة، ويعرفوا فضله، فامتنع الامام من اجابته، وقال له: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط، وهي عدم تدخله في أي أمر من الأمور، فقال المأمون: انما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند، والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم، ويقروا لما فضلك الله به، وأصر المأمون عليه، فاضطر إلى إجابته، ولكنه شرط عليه أن يخرج إلى الصلاة كما كان يخرج جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجده الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له المأمون: اخرج كيف شئت، وأوغر المأمون إلى القوات المسلحة، والى سائر الناس باستقبال الإمام الرضا (عليه السلام) وخرجت الجماهير تنتظر خروج الامام وقد غصت بهم الطرقات وأشرفوا من أعلى منازلهم، ولما طلعت الشمس قام الامام فاغتسل، ولبس عمامة بيضاء والقى طرفا منها على صدره الشريف، وطرفا بين كتفه، وأمر مواليه ان يصنعوا مثل صنعه، ثم أخذ بيده عكازة، وخرج بتلك الحالة التي تعنو لها الجباه، ورفع رأسه الشريف إلى السماء فكبر أربع تكبيرات، وقد تهيأ الجيش، وتزين بأحسن زينة، ثم وقف على الباب فكبر أربعا وقال:
" الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام الحمد لله على ما أبلانا... ".