أ - القسوة:
أما القسوة فكانت من عناصره ومقوماته، وكان فيما يقول المؤرخون جبارا سفاكا للدماء على نمط ملوك الشرق المستبدين، حسبما يقول الأمير شكيب أرسلان (1).
وكان من قسوته البالغة فتكه بالسادة العلويين، وتنكيله بهم فقد صب عليهم وابلا من العذاب الأليم لم يألفوه إلا في عهد جده الطاغية السفاك منصور الدوانيقي، وقد عرضنا إلى ما لاقوه في عهده من الضر والمحن والبلاء.
ب - الحقد:
ومن عناصر شخصية الرشيد أنه كان حقودا على ذوي الأحساب العريقة والشخصيات اللامعة التي تتمتع بمكانة مرموقة في الأوساط الاجتماعية، وقد حقد على سيد المسلمين الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، فأودعه في ظلمات السجون ثم اغتاله بالسم، وذلك لما للامام من منزلة عظمي في نفوس المسلمين وهكذا كان حاقدا على كل من ذاع اسمه، وانتشر فضله بين الناس، فقد نكب البرامكة فقتل اعلامهم، وصادر املاكهم وتركهم بأقصى مكان من الذل والهوان، وذلك لما لهم من مكانة عند الناس، فكانت الشعراء تلهج بذكرهم وتذيع جودهم وسخاءهم فغاظه ذلك، وورم أنفه فأنزل بهم عقابه الصارم.
لقد كان الحقد من مقومات شخصية هارون، وعنصرا بارزا من عناصره.
التحلل:
ولم يملك هارون أي رصيد من التقوى والايمان، فكان متحللا منسابا وراء شهواته وملاذه، وكان من مظاهر تحلله ما يلي:
أ - شربه للخمر:
كان هارون مدمنا على شرب الخمر، وربما كان يتولى بنفسه سقاية ندمائه، وكانت أخته علية تصنع له الخمر الجيد، وتبعثه إليه، وقد ذكرنا عرضا مفصلا لادمانه على الخمر، وعكوفه على شربها في كتابنا حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام).