حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٩
وحلل، ولم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزرارهن، وسلم جميع ذلك إلى الجلودي ليقوم بتسليمه إلى طاغية بغداد (1).
وتأثر الإمام الرضا (عليه السلام) كأشد ما يكون التأثر من هذا الاعتداء الصارخ على بيته، فلم يرع هارون كرامة الامام، ولا كرامة بنات رسول الله (ص) واقترف معهن ما اقترفه جند يزيد مع عائلة ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام) بعد مقتله، فقد تدافعوا كالكلاب المسعورة إلى نهب ما على العلويات من حلي وحلل.
وعلى أي حال فان هارون لم يقم - فيما أحسب - باجراء آخر ضد الإمام (عليه السلام) غير هذا الاجراء... ومن الجدير بالذكر ان الامام قد انطوت نفسه على حزن عميق على ما حل بأبيه الإمام موسى (عليه السلام) من المحن والخطوب التي صبها عليه هارون، فقد أودعه في ظلمات سجونه حفنة من السنين، وقابله بمزيد من التوهين ثم اغتاله بالسم، وكذلك صب جام غضبه على السادة العلويين فأنزل بهم العقاب الصارم، وقتلهم تحت كل حجر ومدر ولم يرع فيهم أواصر النسب، وقرابتهم من رسول الله (ص) التي هي أولى بالرعاية والعطف من كل شئ.
رسالة سفيان لهارون:
من الخير ان ننهي الحديث عن هارون بهذه الرسالة القيمة التي بعثها سفيان الثوري أو (سفيان بن عينية) إلى هارون فإنها تكشف عن الكثير من جوانب حياته، فقد كتب إليه هارون رسالة يطلب فيها وده، والاتصال به، فأجابه سفيان بما يلي:
" من العبد الميت سفيان إلى العبد المغرور بالآمال هارون الذي سلب حلاوة الايمان، ولذة قراءة القرآن.
أما بعد: فإني كتبت إليك أعلمك أني قد صرمت حبلك، وقطعت ودك، وانك جعلتني شاهدا عليك باقرارك على نفسك في كتابك، بما هجمت على بيت مال المسلمين، فأنفقته في غير حقه، وأنفذته بغير حكمه، ولم ترض بما فعلته، وأنت ناء عني، حين كتبت إلى تشهدني على نفسك، فأما أنا فأني قد شهدت عليك أنا وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك، وسنؤدي الشهادة غدا بين يدي الله الحكم العدل.

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 161 البحار 49 / 166.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست