خراسان، وأكراد أصفهان، وخوارج سجستان على آل أبي طالب يقتلهم تحت كل حجر ومدر، ويطلبهم في كل سهل وجبل، حتى سلط الله عليه أحب الناس إليه فقتله كما قتل الناس في طاعته، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته، ولم ينفعه أن أسخط الله برضاه، وإن ركب ما لا يهواه، وخلت إلى الدوانيقي الدنيا فخبط فيها عسفا، وتقضى فيها جورا، وحيفا، وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة، ومعدن الطيب والطهارة، وقد تتبع غائبهم وتلقط حاضرهم حتى قتل عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسني ب (السند)، على يد عمر بن هشام الثعلبي، فما ظنك بمن قرب متناولة عليه ولان مسه على يديه... وهذا قليل في جنب ما قتله هارون منهم، وفعله موسى قبله بهم، فقد عرفتم ما توجه على الحسن - والصحيح الحسين - بن علي ب (فخ) من موسى، وما اتفق على علي بن الأفطس الحسيني من هارون، وما جرى على أحمد بن علي الزيدي، وعلى القاسم بن علي الحسيني من حبسه، وعلى غسان بن حاضر الخزاعي حين أخذ من قبله، والجملة ان هارون مات وقد حصد شجرة النبوة، واقتلع غرس الإمامة وأنتم أصلحكم الله أعظم نصيبا في الدين من الأعمش فقد شتموه ومن شريك فقد عزلوه، ومن هشام بن الحكم فقد أخافوه ومن على بن يقطين فقد اتهموه... " وعرض بعد هذا إلى بني أمية، ثم عرض ثانيا لبني العباس قائلا:
وقل في بني العباس فإنك ستجد بحمد الله مقالا: وجل في عجائبهم فإنك ترى ما شئت مجالا.
يجبي فيؤهم فيفرق على الديلمي، والتركي، ويحمل إلى المغربي والفرغاني، ويموت إمام من أئمة الهدى، وسيد من سادات بيت المصطفى فلا تتبع جنازته، ولا تجصص مقبرته، ويموت (ظراط) لهم أو لا عجب أو مسخرة، أو ضارب فتحضر جنازته العدول والقضاة، ويعمر مسجد التعزية عنه القواد والولاة ويسلم فيهم من يعرفونه دهريا، أو سوفسطائيا، ولا يتعرضون لمن يدرس كتابا فلسفيا ومانويا، ويقتلون من يعرفونه شيعيا، ويسفكون دم من سمى ابنه عليا.
ولو لم يقتل من شيعة أهل البيت غير المعلى بن خنيس قتيل داود بن علي، ولو لم يحبس فيهم غير أبى تراب المروزي لكان ذلك جرحا لا يبرأ، وثائرة لا تطفأ، وصدعا لا يلتئم، وجرحا لا تلتحم.