حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٦٦
كان الإمام موسى (عليه السلام) يخلص لولده الامام كأعظم ما يكون الاخلاص، فقدمه على بقية أبنائه، وجعله القائم من بعده، وأوصى له بهذه القطعة من الأرض - كما يقول الشبراوي - ولم يكن الامام مدفوعا بدافع الحب المنبعث عن العواطف والأهواء وانما كان من أجل أن ولده قاعدة من قواعد الاسلام، وانه أحد أوصياء الرسول الأعظم الذين نص عليهم حسبما تواترت الاخبار بذلك.
29 - أبو النواس:
وكان ممن مدح الإمام (عليه السلام) أبو نواس الشاعر المشهور وقد قال الشعر فيه مرتين وأجاد فيهما، وهما:
1 - إن الشعراء المعاصرين للامام قالوا فيه الشعر ومدحوه سوى أبي نواس فعوتب على ذلك (1) فقال هذه الأبيات الرائعة:
قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من المقال النبيه لك من جوهر الكلام نظام * يثمر الدر في يدي مجتنيه فلماذا تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت: لا اهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه وهذه الأبيات الشائعة الذكر قد حفظها الناس جيلا بعد جيل واعتبروها من روائع الشعر العربي، لأنها عبرت عن أحاسيسهم تجاه أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وما يحملون لهم من اكبار وتعظيم، ومن الطريف أن الذهبي الذي عرف بالحقد على أهل البيت قد علق على البيت الأخير من هذه الأبيات بقوله:
" قلت: هذا لا يجوز اطلاقه من أن جبريل خادم لأبيه والنص معدوم فيه... وقد كذبت الرافضة على علي الرضا.. " (2).
ان لأهل البيت (عليهم السلام) منزلة كريمة عند الله تعالى فقد ناهضوا الضالين من حكام أمية وبني العباس، وجاهدوا في الله كأعظم ما يكون الجهاد حتى

(1) ذكر ابن طولون في كتابه (الأئمة الاثني عشر) ص 98 - 99 ان أبا نواس عوتب على ترك مدح الامام، فقال له بعض أصحابه: ما رأيت أوقح منك، ما تركت خمرا ولا طودا ولا مغني إلا قلت:
فيه شيئا، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا، فقال: والله ما تركت ذلك إلا اعظاما له، وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات.
(2) تأريخ الاسلام 8 / ورقة 35.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست