حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
ابتداء الدورة دائرة نصف النهار، وله موافقة لما ذكره، والذي يغلب على الظن عدم صحة الخبر من مبتدئه فالرضا أجل من أن يستدل بالآية على ما سمعت من دعواه.
وعلق السيد الطباطبائي على مقال الآلوسي بقوله: وقد اختلط عليه الامر في تحصيل حقيقة معنى الليل والنهار توضيحه: ان الليل والنهار متقابلان نقابل العدم والملكة كالعمى والبصر، فكما ان العمى ليس مطلق عدم البصر حتى يكون الجدار مثلا أعمى لعدم البصر فيه، بل هو عدم البصر مما من شأنه أن يتصف بالبصر كالانسان كذلك الليل ليس هو مطلق عدم النور، بل هو زمان عدم استضاءة ناحية من نواحي الأرض بنور الشمس، ومن المعلوم أن عدم الملكة يتوقف في تحققه على تحقق الملكة المقابلة له قبله حتى يتعين بالإضافة إليه، فلولا البصر لم يتحقق عمى، ولولا النهار لم يتحقق الليل.
فمطلق الليل بمعناه الذي هو به ليل مسبوق الوجود بالنهار وقوله: (ولا الليل سابق النهار) وإن كان ناظرا إلى الترتيب المفروض بين النهار والليل، وان هناك نهارا وليلا، ونهارا وليلا، وان واحدا من هذه الليالي لا يسبق النهار الذي بجنبه.
لكنه تعالى أخذ في قوله: (ولا الليل سابق النهار) مطلق الليل، ونفى تقدمه على مطلق النهار، ولم يقل: ان واحدا من الليالي الواقعة في هذا الترتيب لا يسبق النهار الواقع في الترتيب قبله.
فالحكم في الآية مبني على ما يقتضيه طبيعة الليل والنهار بحسب التقابل الذي أودعه الله بينهما، وقد استفيد منه الحكم بانخفاض الترتيب في تعاقب الليل والنهار فان في كل ليل هو افتقاد النهار الذي يتلوه، فلا يتقدم عليه، والى هذا يشير (عليه السلام) بعد أن ذكر الآية بقوله: أي الليل قد سبقه النهار، يعني ان سبق النهار الليل هو خلقه قبله وليس كما يتوهم أن هناك نهرا أو ليالي موجودة، ثم يتعين لكل منها محله.
وقول المعترض: " وأما الحساب فله وجه في الجملة " لا يدري وجه قوله: في الجملة، وهو وجه تام مبني على تسليم أصول التنجيم صحيح بالجملة على ذلك التقدير لا في الجملة.
وكذا قوله: (ورأى المنجمين ان ابتداء الدورة دائرة نصف النهار وله موافقة لما ذكره)، لا يحصل لان له دائرة نصف النهار وهي الدائرة المارة على القطبين، ونقطة ثالثة بينهما غير متناهية في العدد لا تتعين لها نقطة معينة في السماء دون نقطة أخرى فيكون
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست