جعفر فتبسم الامام وقال:
" لا يغرنك ما سمعته منه، فإنه سيغتالني، والله تعالى ينتقم لي منه " (1).
وتحقق تنبؤ الإمام (عليه السلام) فقد أترعت نفس المأمون بالكراهية والحسد للامام على ما وهبه الله من الفضل والعلم، فقدم على اقتراف أفظع جريمة في الاسلام، فدس السم له، واغتاله وبذلك فقد قضى على سليل النبوة، ومعدن العلم والحكمة في الأرض.
مسائل ابن السكيت:
ووفد أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي المعروف ب (ابن السكيت)، وهو من أجلاء علماء عصره على الإمام الرضا (عليه السلام)، وقدم له السؤال التالي:
" لماذا بعث الله موسى بن عمران باليد البيضاء، وبعث عيسى بآية الطب، وبعث محمدا بالكلام والخطب؟ ".
فأجابه الامام بحكمة ذلك قائلا:
ان الله لما بعث موسى كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم.
وان الله بعث عيسى في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم.
وان الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام (2)، فأتاهم من عند الله من مواعظه واحكامه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم.
وبهر ابن السكيت بعلم الامام وراح يقول:
" والله ما رأيت مثلك قط، فما الحجة على الخلق اليوم؟
فأجابه الامام: العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه ".
وطفق ابن السكيت قائلا: