الحذف والتحريف، فإنه - على ما يبدو - ليس إلا من أجل التشويش على تلك، وإبطال كل أثر لها، ظلما للحقيقة، وتجنيا على التاريخ.
الموقف الثامن:
وأعتقد أنه أعظمها أثرا، وأعمها نفعا، وهو ما كتبه (ع) على وثيقة العهد، التي كتبها المأمون بخط يده..
فإننا إذا ما رجعنا إليه نجد: أن كل سطر فيه، بل كل كلمة لها مغزى عميق، ودلالة هامة، تلقي لنا ضوءا كاشفا على خطته (ع) في مواجهة مؤامرات المأمون، وخططه، وأهدافه.
فلقد كان يعلم: أن هذه الوثيقة ستقرأ في مختلف الأقطار الإسلامية، ولذلك نراه (ع) قد اتخذها وسيلة لإبلاغ الأمة الحقيقة كل الحقيقة، وتعريفها بواقع نوايا وأهداف المأمون. وأيضا تأكيد حق العلويين، وكشف المؤامرة التي تحاك ضدهم..
فبينما نراه (ع) يبدأ كلامه - فيما كتبه في الوثيقة المشارة إليها - بداية غير طبيعية، ولا مألوفة في مناسبات كهذه حيث قال: " الحمد لله الفعال لما يشاء، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.. ". لا يأتي بعدها بما يناسب المقام، ويتلائم مع سياق الكلام، من تمجيد الله، والثناء عليه على أن ألهم أمير المؤمنين! هذا الأمر.. بل نراه يأتي بعبارة غريبة، وغير متوقعة، ألا وهي قوله: " يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور الخ. ".
أفلا توافقني - قارئي العزيز - على أنه (ع) يريد أن يوجه أنظار الناس إلى أن الأمر ينطوي على خيانة مبيتة، وأن هناك صدورا تخفي غير ما تظهر؟!.. ثم.. ألا توافقني على أن هذه العبارة تعريض بالمأمون