ومن قول القاسم بن يوسف وهي قصيدة طويلة فلتراجع (1).
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.. وبعد كل تلك الوقائع الشهيرة التي حدثت قبل خلافة المأمون، وأثناءها بالنسبة لدعوى العباسيين هذه، فلا يمكن أبدا أن تجري المحاورة بين أعلم أهل الأرض (باعتراف المأمون) وبين المأمون أعلم خلفاء بني العباس على هذا النحو من السذاجة والبساطة. اللهم إلا إذا كان أعلم أهل الأرض، لا يرى ولا يسمع، أو أنه كان يعيش في غير هذا العالم، أو في سرداب تحت هذا الأرض.
واللهم إلا إذا كان القائل: ما للطليق وللتراث إلخ.. أعلم بالحجة للدعوى التي يدعيها أعلم أهل الأرض من مدعي الدعوى نفسه.. وهل لم يكن يحسن أن يقول للمأمون - لو سلم أنه احتج بالقرابة -: إن قرابة العباس لا تفيده، بعد أن تخلى عنها يوم الانذار. وبعد أن كان من الظالمين، الذين حرمهم الله من عهده. حيث قال تعالى: " ولا ينال عهدي الظالمين ". وبعد أن ترك الهجرة معه صلى الله عليه وآله. وبعد أن حارب النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر. وبعد جهله بالدين وأحكامه، ولقد قال سبحانه: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أمن لا يهدي إلا أن يهدى، فما لكم كيف تحكمون.. " (2). إلى آخر ما هنالك.
وأخيرا.. وبعد أن لم يبق مجال للشك في زيف هذه الرواية وافتعالها.
فإننا نرى أن لنا كل الحق في أن نسجل هنا: أنه لم يخف علينا، ونأمل أن لا يخفى على أحد سر ذكر ابن عبد ربه هذه الرواية المزيفة المفتعلة، بعد ذكره لرواية احتجاج المأمون على علماء وقته في أفضلية علي (ع) على جميع الخلق، والتي تصرف فيها ما شاء له حقده ونصبه،