واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية.. وهذا مما قد نص عليه علي (ع) نفسه في أكثر من مورد، وأكثر من مناسبة، قال (ع):
".. وأيم الله، لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر، ويبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه.. "، ويقول: " إن الله لما قبض نبيه، استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين، وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدنى وهن، ويعكسه أدنى خلف.. " (1).
وهكذا تمام كان الحال بالنسبة للإمام الرضا (ع)، حفيد علي، ووارثه، الذي كان زمانه لا يبعد حال الناس فيه على حال الجاهلية، فإنه آثر أن يصبر على هذه المحنة، خوفا من شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، وذلك بتعريض نفسه، وشيعته، والعلويين للهلاك، أو على الأقل للاضطهاد، الأمر الذي سوف تكون له أسوأ النتائج على الدين والأمة، كما قلنا..
وإذا ما قرأنا بعد ذلك قوله (ع): ".. وقد جعلت الله على نفسي، - إن استرعاني على المسلمين، وقلدني خلافته - العمل فيهم عامة، وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة، بطاعة الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله.. ".. فإن ما يسترعي انتباهنا هو تنصيصه على بني العباس خاصة وأنه سوف يعمل فيهم بطاعة الله، ورسوله.. " فلا يسفك دما حراما، ولا يبيح فرجا ولا مالا، إلا ما سفكته حدوده، وأباحته فرائضه إلخ. ".
فإن هذا التنصيص إنما هو في مقابل " الأرحام التي قطعت، وفزعت،