فقال المأمون: " إن لم تكن إلا القرابة، فقد خلف رسول الله صلى الله عليه وآله من هو أقرب إليه من علي، أو من هو في قعدده. وإن ذهبت إلى قرابة فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وآله، فإن الأمر بعدها للحسن، والحسين، فقد ابتزهما علي حقهما، وهما حيان، صحيحان، فاستولى على ما لا حق له فيه. ".
فلم يحر علي بن موسى له جوابا (1).. انتهى.
وهي واقعة مزيفة ومجعولة من أجل التغطية على الواقعة الحقيقية، التي جرت بينهما، والتي تنسجم مع كل الأحداث والوقائع، وجميع الدلائل والشواهد متظافرة على صحتها، ألا وهي تلك التي قدمناها آنفا..
والدليل على زيف هذه الرواية: أنها لا توافق نظرة أئمة أهل البيت ورأيهم في الخلافة ومستحقها، لأنهم يرون - كما تدل عليه تصريحاتهم المتكررة، وأقوالهم المتضافرة -: " أن منصب الإمامة لا يكون إلا بالنص.
وأما الاستدلال بالقرابة، فقد قلنا في الفصل الأول من هذا الكتاب:
أن أول من التجأ إليه أبو بكر، ثم عمر. ثم الأمويون، فالعباسيون، ثم أكثر، إن لم يكن كل مطالب بالخلافة.. وأنه إذا كان في كلام الأئمة وشيعتهم ما يفهم منه ذلك، فإنما اقتضاه الحجاج مع خصومهم، وبعد.. فهل يخفى على الإمام (ع) ضعف ووهن هذه الحجة، مع أننا نراه يصرح في أكثر من مناسبة بأن القرابة لا تجدي ولا تفيد - كما سنشير إليه - وأنه لا بد في الإمام من جدارة وأهلية في مختلف الجهات، وعلى جميع المستويات.
ولقد كان على المأمون - لو صحت هذه الرواية - أن يغتنمها فرصة،