النص على أمير المؤمنين (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ٢٨٢
تأمل في تعامل وحلم الخليفة مع من خرج عليه.
انظر إذا كان الحاكم عالما بأمور الخلافة فإنه يكون على بصيرة من امره، يدري ما يقول ويفعل.
وقارن ذلك مع ضرب الصحابة واهانتهم من عمر وعثمان كما تقدم، ومع قتال أبي بكر لأهل الردة بدعواه أو غيرهم بلا استفسار عن أحوالهم أو مناظراتهم، وبلا تفريق بين فئة وأخرى حتى قتل المسلمون وسبيت نساؤهم بل ونكحت بلا عدة!
ثم احكم من شابه رسول الرحمة (صلى الله عليه وآله) في تصرفاته.
* الامر الثالث: ما جرى بين عقيل بن أبي طالب وأمير المؤمنين (عليه السلام) في بيت المال، عندما طلب زيادة من العطاء قال (عليه السلام): " فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه!! " (1).
ونحو ذلك كثير مذكور في كتب التاريخ وكيفية حرصه (عليه السلام) على بيت المال وعدم ابقاء شئ فيه مع وجود الفقراء (2).
وقارن ذلك مع أفعال الخلفاء.
وتذكر فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببيت المال.
قال (صلى الله عليه وآله): " ما يسرني ان لي أحدا ذهبا يبيت عندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين.
وأتته دنانير مرة فقسمه وبقيت منها ستة فدفعها لبعض نسائه فلم يأخذه نوم حتى قام وقسمها وقال: الآن استرحت " (3).
وقال انس: " كان رسول الله لا يدخر شيئا لغد " (4).
ومعلوم وكما قال ابن رسول الله الحسن (عليه السلام): " انما الخليفة من سار بسيرة رسول

١ - شرح النهج لابن أبي الحديد: ٣ / ٨٠ ط. مصر - دار الكتب العربية، وأسد الغابة: ٣ / ٣٢٣ ترجمة عقيل، وجواهر العقدين: ٤٤٢ الباب الخامس عشر، مع تفاوت في الأخيرين.
٢ - راجع عبقرية الإمام علي للعقاد: ٢٥، والكامل في التاريخ: ٣ / ٢٠٠ ط. مصر المنيرية، وأنساب الأشراف: ٢ / ١٣٣ - ١٣٤ ترجمة علي بن أبي طالب ح ١١٤، و ١١٥، وتذكرة الخواص: ١٠٥ و ١٠٩ الباب الخامس.
٣ - الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ١ / ٩٤ - ١١٤ الباب الثاني من القسم الأول.
٤ - الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ١ / 94 - 114 الباب الثاني من القسم الأول.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»