الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ٣٤١
به فكتم ايمانه استدامة لقريش على طاعته، والانقياد لسيادته ليتمكن من نصر النبي - صلى الله عليه وآله - وإقامة حرمته، والاخذ بحقه، وإعزاز كلمته، ولهذا السبب كان أبو طالب يخالط قريشا "، ويعاشرهم، ويحضر معهم مآدبهم، ويشهد مشاهدهم، ويقسم بآلهتهم، وهو مع ذلك يشوب هذه الأفعال بتصديق النبي (ص) والحث على اتباعه.
فلو إنه نابذ قريشا " وأهل مكة، وقال بمنابذتهم (1) كانوا كلهم يدا " عليه، وعلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - ولكنه كان يخادعهم ويظهر لهم أنه معهم حتى تمت الرسالة، وانتشرت الكلمة، وشاعت الدعوة ووضح الحق، وكثر المسلمون وصاروا عصبة أولي بأس، ونجدة حتى شاع ذكره في الآفاق، وجاءته الوفود، وعلم من لم يعلم بحاله، وعرفت اليهود مبعثه.
ولذلك لما قبض أبو طالب اتفق المسلمون على أن جبرئيل - عليه السلام - نزل على النبي - صلى الله عليه وآله - وقال له: ربك يقرئك السلام، ويقول لك: إن قومك قد عولوا على أن يبتوك، وقد مات ناصرك فاخرج عنهم وأمره بالمهاجرة.
فتأمل أضافة الله تعالى أبا طالب - رحمه الله - إلى النبي - عليه السلام - وشهادته له أنه ناصره فإن في ذلك لأبي طالب - رحمه الله - أو في فخر وأعظم منزلة، وقريش رضيت من أبى طالب بكونه مخالطا " لهم مع ما سمعوا من شعره وتوحيده وتصديقه للنبي - صلى الله عليه وآله - ولم يمكنهم قتله، والمنابذة له، لان قومه من بني هاشم وإخوانهم من بني المطلب بن عبد مناف وأحلافهم ومواليهم وأتباعهم، كافرهم ومؤمنهم

(1) في ص و ح: (بمناظرتهم).
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»