ثم هي قبل هذا كله، سيدة من صميم البيت القرشي الذي يحظى بالسيادة في أم القرى، وينفرد بشرف الوظائف الدينية الكبرى في مثابة حج العرب ومهوى أفئدتهم.
ومن شأن النساء في هذه البيئة أن يرجون للأجنة في بطونهن، مجدا لم يكن لاحد من قبل.
وعلى مدى شهور الحمل، لم تغب عن آمنة رؤاها فيما سيكون لابن عبد الله من شأن عظيم، ولم تتخل عنها هواتف البشرى بأمومتها لهذا اليتيم الهاشمي الذي لم يزل ينتقل من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا، وتلقى ميراث آبائه الهاشميين وأخواله الزهريين، واجتمع له عز المنافين (عبد مناف بن قصي) جده الثالث لأبيه، و (عبد مناف بن زهرة بن كلاب) جد أمه. (١) وكتاب السيرة النبوية ومؤرخو الاسلام الأولون، ينقلون أخبار تلك الهواتف والرؤى عمن لا يتهمون من الأخباريين والرواة.
وقد يشكك فيها بعض المحدثين، وقد يرفضها آخرون منهم رفضا باتا، فلا نجاول هؤلاء ولا هؤلاء، إلا أن يتكلموا باسم العصرية والعلم فيعدوها من (الخرافات التي لا يقبلها عقل) كما قال (بودلي) في كتابه ﴿الرسول﴾ (2).